المرأة شقيقة الرجل، وشريكته في الحياة من بدايتها، ولا يستغني عنها كما لا تستغني عنه، فوجود أحدهما يعتمد على وجود الآخر، لأن التكاثر واستمرار النسل البشري يحتاج إلى كليهما، وإدارة شؤون الحياة وقضايا العيش لا تنتظم دون تكاملهما. لكن حكمة الحياة اقتضت أن تظهر في الرجل حالة القوة والخشونة، وأن تتجلى في المرأة حالة العطف والحنان، هذا العطف والحنان الذي يحتاج إليه الرجل حين يكون جنينا في أحشاء المرأة، ورضيعا على صدرها، ووليدا في حجرها، وزوجا تبذل له حبها.. وكان يجب أن يقدر الرجل دائما للمرأة هذا الدور العظيم، لكنه بدلا من ذلك غالبا ما يستضعفها، ويستغل طبيعتها اللينة الطيبة، ويتعامل معها من موقع قوة مهيمنة، حدث ذلك في ماضي الزمان ومازال مستمرا إلى حاضره، فقد كانت إنسانية المرأة يوما ما محل نقاش وجدال، بين الفلاسفة الرجال: هل أنها روح أم لا(هل روحها انسانية أم لا( وعلى فرض انسانيتها هل هي كالرجل؟ وهل خلقت لذاتها أم لخدمة الرجل وإمتاعه) وكان يتعامل معها في بعض الأزمان الغابرة كرقيق يباع ويشرى، او كسلعة تقتنى وتمتلك، وينظر اليها كمصدر للشرور والخطيئات، وفي بعض الأحيان كان يستكثر عليها الحق في الحياة والوجود، فتوأد وتدفن حية كما ينقل ذلك عن عرب الجاهلية مثلا، وأشار إليه القرآن الكريم بقوله:؟ وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم. يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون ؟. في ظل الاسلام ومع أن الاسلام أعاد للمرأة اعتبارها، واقر لها بدورها المميز، وشأنها العظيم، وحرم أي تنكر أو تجاهل لحقوقها ومكانتها، وأعلن على لسان النبي محمد ان الجنة على عظمتها وخطرها هي تحت قدم المرأة الأم، فقد روى أنس عنه انه قال:"الجنة تحت أقدام الأمهات" وعاشت المرأة في ظل الاسلام واقع العزة والكرامة، لكن ذلك لم يدم طويلا، حيث عادت رواسب الجاهلية وبقايا آثارها الى الظهور، وصار ينظر الى المرأة نظرة دونية، وكأنها انسان من الدرجة الثانية، وتعرضت حقوقها للامتهان والانتهاك. فرغم ان المرأة المعاصرة قد حققت تقدما جيدا في اكتساب بعض حقوقها، في العديد من المجتمعات، وأصبحت تشارك في ميادين السياسة والاقتصاد والعلم، الا انها من ناحية اخرى تعيش معاناة الاستغلال لأنوثتها، والتسليع لجمالها، وعادت في ظل الحضارة المادية فريسة سهلة لشهوات الرجل، وأداة لامتاعه ولذته،وتصبح عرضة للاغتصاب والابتزاز والاستغلال سناء المصلوحي