هل نُلغي عقوبة الإعدام، التي تنفذ عبر رمي المحكوم عليهم بالرصاص الحي بالمملكة، لكونها فعل مشين يُصادر الحق في الحياة ويُجْهِزُ على إنسانية الإنسان، أم نعمد إلى الإلغاء نتيجة ضغوط دولية ومطالبة مجموعة من الأشخاص والمنظمات الوطنية الحقوقية، طبقا لما أقرته الأوقاف الدولية في بعض بنودها، أم أن إلغاء هذه العقوبة المُقزِّزة يظل مرتبطا فقط بالقضايا المتعلقة بحقوق الغير من ذوي الحقوق من المواطنين، مع فتح إمكانية التنازل والتعويض، وإلزامية صدور حكم الإعدام بإجماع هيئة الحكم ابتدائيا واستئنافيا، بل ولِمَ لا فتح إمكانية مناقشة الملف أمام محكمة النقض كمحكمة موضوع وليس قانون في مثل هذه النوازل، أم أن أمر الإلغاء أضحى حاجة مجتمعية، مما يستلزم إعادة النظر في النص التشريعي كما يُفترض. في مقابل هذا الطرح الذي قد لا يُعجب البعض حتى مجرد إثارة سؤال بشأنه فإننا نود التساؤل من باب صيانة الحقوق وعدم مصادرة الحق في الوجود المنصوص عليه أيضا في دستور 2011 والقوانين الجاري بها العمل، وكذا المواثيق الدولية، ماذا عن الحق في الحياة بالنسبة للضحايا الذين قتلوا بفعل فاعل، وبالتالي ما رأي ذوي الأشخاص الذين أُهدر دم أحد أفراد عائلتهم؟ وهل إلغاء عقوبة الإعدام لا يُؤدي إلى "جرائم "الثأر"؟ وماذا عن المواطنين الذين يطالبون بالإبقاء على هذه العقوبة، أو بالنسبة للمواطنين الذين لا علم لهم أصلا بهذا النقاش...إلخ .
هذه الأسئلة وغيرها تفرض بدون تشنج أو انفعال من "معسكر" المؤيدين والرافضين لإلغاء عقوبة الإعدام إجابة مقنعة استنادا إلى دراسات ميدانية تُحيط بجميع جوانبها وأبعادها. في انتظار ذلك أشارت مديرية الشؤون الجنائية والعفو التابعة لوزارة العدل والحريات أن عدد المحكومين إلى غاية يوم 17 سبتمبر 2012 وصل إلى 111 متهم، من بينهم سيدتان، وهم متهمون في جرائم قيل رسميا أنها:
" جرائم قتل فظيعة أو مرتبطة بجرائم أخرى، من بينها 22 حكما يتعلق بقضايا مكافحة الإرهاب، حيث حازت الأحكام الصادرة في حق 94 محكوما قوة الشيء المقضي به، في حين ما زال 17 محكوما ينتظرون الطعون المقدمة بشأن الأحكام الصادرة في مواجهتهم، والذين لا يوجد أي واحد منهم يرجع تاريخ إدانته لما قبل 1993" . وتقدر مجموع النصوص المُؤطِّرة لعقوبة الإعدام ب 49 فصلا، منها 33 موجودة بالقانون الجنائي، و 16 موزعة على بنود القانون العدل العسكري بالنسبة للملفات المعروضة على المحكمة العسكرية بالرباط، وهي عقوبة – قيل رسميا- أنها لم تنفذ بالمغرب منذ تاريخ 9 غشت 1993، علما أن مسودة مشروع القانون الجنائي التي ما زالت معلقة لسنوات أبقت على عقوبة الإعدام في 10 فصول من أصل 33 فصلا.