دافعت المعارضة الفرنسية بشقيها اليساري واليميني الثلاثاء بقوة عن مذكرتين لحجب الثقة عن الحكومة الفرنسية، إلا أن الغالبية الكبيرة المؤيدة للرئيس ايمانويل ماكرون أفشلت المحاولتين اللتين دخلتا من باب مسألة الكسندر بينالا المعاون السابق للرئيس. واعتبرت المحاولتان المتزامنتان لتحميل الحكومة مسؤولية تجاوزات بينالا، نوعا من التحذير للرئيس الفرنسي نفسه، حسب ما قال زعيم الحزب الاشتراكي اوليفييه فور. وقال زعيم مجموعة "الجمهوريين" من المعارضة اليمينية كريستيان جاكوب مدافعا عن المذكرة "ان هذه الفضيحة هي فضيحة رئيس دولة حمى رجلا قدم له خدمات، وعمل حارسه الشخصي متى استدعى الامر" معتبرا ايضا ان الحكومة "تخلت" عن مسؤولياتها. وتابع النائب المعارض اليميني ان هذه المسألة "ستترك آثارا عميقة سياسية واخلاقية على رئيس الدولة، كما ستترك آثارا دستورية على مستوى تنظيم السلطات العامة". من جهته قال زعيم كتلة النواب الشيوعيين اندريه شاسانيي المدافع عن مذكرة سحب الثقة التي قدمها اليسار ممثلا بالحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي وحزب فرنسا المتمردة ان "مسألة ماكرون بينالا اتاحت اماطة اللثام عن حقيقة إدارة السلطة من قبل رئيس الجمهورية"، كما "فتحت جرحا لن يندمل". وفي رده على الانتقادات اعرب رئيس الحكومة ادوار فيليب عن الاسف "للاستغلال السياسي والرغبة بالمساس" برئيس الدولة عبر هذه القضية وتقديم المذكرتين، لاول مرة منذ انتخاب ماكرون في مايو 2017. وتم تقديم نحو مئة مذكرة لحجب الثقة عن الحكومات الفرنسية منذ العام 1958 الا ان واحدة فقط اقرت عام 1962 وأطاحت بحكومة جورج بومبيدو. ولم تكن هناك اي فرصة للمصادقة على اي من المذكرتين والسبب ان عدد نواب حزب الجمهوريين هو 103 في حين أن اليسار لا يجمع سوى 63 نائبا، ولم يكن بالإمكان بذلك الوصول إلى الأكثرية المطلقة البالغة 289 نائبا لإسقاط الحكومة. وحصلت المذكرة الأولى لليمين على تأييد 143 نائبا في حين حصلت المذكرة الثانية لليسار على تأييد 74 نائبا. ويبدو ان الهدف من تقديم المذكرتين رغم المعرفة التامة باستحالة إسقاط الحكومة عبر التصويت، هو إجبار الحكومة على "ان تقدم ما لديها من شروح" والتنديد بالمحاولات الجارية لإخفاء "حقيقة" مسألة بينالا المعاون السابق لماكرون الذي يلاحق حاليا بتهمة ارتكاب اعمال عنف بحق متظاهرين في الاول من مايو في باريس بينما كان يقف الى جانب قوات الامن من دون ان تكون له صفة امنية رسمية. وتعتبر هذه الازمة الأخطر التي يواجهها ماكرون منذ وصوله الى الاليزيه. واعتبرت مذكرتا حجب الثقة مناسبة ممتازة للمعارضين للخروج من سباتهم بعد الضربة الكبيرة التي تلقاها اليمين واليسار على حد سواء خلال انتخابات العام 2017 التشريعية، والتي شهدت اكتساح الحزب الرئاسي "الجمهورية الى الامام".