لم أصدق وأنا أشاهد الحشود الغفيرة التي اجتمعت وراء شخص يدعي أنه اكتشف كنزا، و لم استوعب الطريقة التي نهجها لحشد الجماهير الغفيرة التي جاءت لأخذ نصيبها من الكنز ، و لم أجد التفسير الملائم للحادث الغريب، إلا بعد ساعات من التفكير والتمعن في الظاهرة، و أدركت واستنتجت بأن التهميش والإقصاء الإجتماعي عاملان أساسيان فيما وقع، و أن الواقعة عرت بالملموس الوضع الإجتماعي المتأزم، و أعطت الدليل الحي بأن طبقات كبيرة من الشعب تعيش الحرمان، وفقدت الأمل في الإصلاح وتغيير الأوضاع ، مما جعلها تبحث عن الكنز ، لو كان ذلك من الخرافة والخيال . واقعة كنز سرغينة مؤشر خطير على المستوى المعيشي، وتدني القدرة الشرائية للمغاربة، و تشخيص حقيقي لواقع ظلت الأحزاب السياسية تتجاهله، و لا تبدل أي مجهود لمناقشته ومصارحة الشعب به، انه الواقع الحقيقي الذي لا يمكن أن نسكت عليه، إذا كنا بالفعل نتوخى خدمة الشعب، و إصلاح الأوضاع و تحقيق السلم الاجتماعي الضامن للاستقرار و الأمن السكينة للبلد برمته . لقد أضافت الواقعة معطى جديد سيضاف إلى المقاطعة ، ليعطي الإشارة من جديد لمن يهمهم الأمر ، كي يراجعوا السياسات المتبعة تجاه الشعب والأحزاب والنقابات، ويدركوا أن التعنت والاستمرار في نفس النهج قد يولد أشكال أخرى من الاحتجاج الشعبي في ظل توفر وسائل التواصل الجديدة ( الفايسبوك) ، واتساع رقعة التذمر والاستياء وسط شرائح كبيرة من المواطنين والمواطنات، الباحثين عن لقمة العيش و الحرية والكرامة.