الكل يعرف أن التهم المتابع بها توفيق بوعشرين، مدير جريدة أخبار اليوم، تخص جرائم جنسية تتعلق بالاغتصاب والتحرش الجنسي و الاتجار في البشر ولا علاقة لها بحرية التعبير وبحرية الصحافة، وتدخل ضمن جرائم الحق العام، ومع ذلك يسعى دفاع بوعشرين إلى التلويح باللجوء للمحاكم الدولية، أي تدويل القضية في القضاء الدولي، و يدخل هذا التلويح ضمن غاية التشكيك في نزاهة القضاء الوطني. لكن ما يجهله من يروج لذلك، هو أن اللجوء إلى المحاكم الدولية له أدبياته وخصوصياته، فالمتهم توفيق بوعشرين له جنسية مغربية اولا، والجريمة تمت على أراضي مغربية، كما أن الدفع باللجوء للمحكمة الجنائية الدولية غير ذي موضوع على اعتبار أن ميثاق روما المؤسس لاختصاصات المحكمة، لم يصادق عليه المغرب، من جهة. ومن جهة، فإن اللجوء لهذه المحكمة يبقى في الخيارات التالية غير المتوفرة في قضية بوعشرين، إما من طرف مجلس الأمن الدولي، أو تحريك مدعي عام المحكمة للقضية بطلب شخصي، أما ثالثا فهو أن تقوم دولة عضو بفتح تحقيق في القضية، وهذه الإمكانيات جميعها تتخللها صعوبة. الأمر الذي يظهر تخبط دفاع بوعشرين بضربات عشوائية بعد فشل تسييس القضية، اتجهوا إلى محاولة التلويح بتدويل القضية، لربح الوقت بغاية "البوز" الإعلامي عوض التركيز على مصلحة موكلهم، في الاستعانة بالدفوعات القانونية عوض لغة المسرح التي تروح إلى افتعال الشغب عبر توظيف اللغو و مهاجمة المحكمة إلى درجة العنف اللفظي. فاللجوء للقضاء الدولي تحكمه ضوابط، وقواعد الاختصاص التي تحكم اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، فالبرلمان المغربي لم يصادق على النظام الأساسي لهذه المحكمة، كما لا تختص إلا بنظر القضايا المتعلقة بارتكاب جرائم حرب أو إبادة الأجناس أو إبادة جماعية. وحديث البعض عن اللجوء للمحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان فالمغرب لم يوقع حتى اليوم على ميثاق حقوق الإنسان الإفريقي، ولم تنضم للمحكمة لكي تصبح جزءا من القانون الوطني بصورة تلقائية، من جهة. و من جهة ثانية فإن القضية لم تستوف شروطها حتى يمكن لصاحبها اللجوء إلى تلك الهيئات الدولية أو اللجوء إلى المفوض الخاص التابع للأمم المتحدة، لكون ذلك يستوجب استنفاذ كل مراحل التقاضي.