بدأت اليوم محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك مع نجليه وعدد من معاونيه في القاهرة، بتهم مختلفة منها القتل وإهدار المال العام. ودخل مبارك قفص الاتهام وهو ممدد على سرير طبي، بعد أن كانت طائرة خاصة قد نقلته من شرم الشيخ حيث كان يقيم في مستشفاها منذ عدة أشهر.
وبدأت الجلسة الأولى للمحاكمة في مقر أكاديمية الشرطة بضاحية التجمع الخامس بالقاهرة وسط إجراءات أمنية مشددة، وقد شهد محيط مبنى الأكاديمية اشتباكات بين معارضين ومؤيدين للمحاكمة، تمكنت الشرطة المنتشرة بأعداد كبيرة من فضها.
ويُحاكم مبارك في ثلاث تهم رئيسية هي قتل متظاهرين خلال ثورة ال25 من يناير، وتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، وإهدار المال العام. وفي حال تمت إدانته بالتهم الموجهة إليه قد يواجه حكما بالإعدام.
ويُحاكم مع مبارك في الوقت ذاته كل من نجليه علاء وجمال ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة مسؤولين أمنيين. بينما سيحاكم رجل الأعمال حسين سالم -المقرب من مبارك- غيابيا، لأنه هارب في إسبانيا.
وأظهرت صور المحاكمة العلنية التي نقلها التلفزيون المصري مباشرة، مبارك على سرير طبي قرب نجليه ووزير داخليته وعدد من معاونيه في قفص الاتهام.
ويواجه المتهمون تهما مختلفة تتعلق باختلاس ملايين الدولارات من المال العام وبإصدار أوامر بقتل المتظاهرين المعارضين للنظام أثناء الانتفاضة الشعبية بين يناير وفبراير الماضيين والتي أدت إلى سقوط نحو 850 قتيلا وانتهت بالإطاحة بمبارك. وخارج موقع المحاكمة أقيمت شاشة عملاقة لنقل وقائع الجلسة بينما شددت الإجراءات الأمنية في ميدان التحرير معقل الاحتجاجات التي أطاحت بمبارك والذي شهد أيضا لأكثر من ثلاثة أسابيع الشهر الماضي مطالب بتسريع الإصلاحات ومحاكمة رموز الفساد.
وقالت مصادر صحفية من أمام مبنى أكاديمية الشرطة الذي تجري فيه المحاكمة إن محيط المبنى شهد تراشقا بالحجارة بين أنصار الرئيس المخلوع ومعارضيه، مشيرة إلى أن عددهم جميعا يقدر بنحو مائتي متظاهر تقريبا وأن قوات من الشرطة التي انتشرت بكثافة هناك قامت بتفريقهم.
وأضافت المصادر نفسها أن نجلي مبارك جمال وعلاء، وحبيب العادلي وستة من كبار مساعديه كانوا وصلوا من سجن طرة بالقاهرة إلى مقر المحكمة قبيل التحاق مبارك الذي وصل إلى مقر أكاديمية الشرطة في سيارة إسعاف وسط حراسة أمنية مشددة.
وكان التلفزيون المصري عرض لقطات لسيارة الإسعاف التي أقلت مبارك إلى مقر أكاديمية الشرطة محاطا بفريقه الطبي وعدد كبير من رجال الأمن.
وكانت طائرة إسعاف صغيرة تتسع لنحو عشرين راكبا أقلت مبارك ومرافقين له من مطار شرم الشيخ إلى مطار ألماظة العسكري شرق القاهرة. وقبل ذلك نقل في سيارة إسعاف من مستشفى شرم الشيخ الذي يرقد فيه إلى المطار تحت حراسة من قوات الجيش والشرطة، وفق مصادر متطابقة.
وجابت الشرطة أمس الشارع القريب من المستشفى الذي أقام فيه مبارك في شرم الشيخ، وقطعت الطريق أمام مجموعة صغيرة من المحتجين كانوا يهتفون "الشعب يريد إعدام السفاح". وقالت مصادر طبية إن أقارب لمبارك وصلوا إلى المستشفى في وقت متأخر أمس الثلاثاء.
وكانت الحالة الصحية لمبارك سببا في تكهنات بعدم القدرة على نقله للقاهرة لمحاكمته، إلا أن وزير الصحة أكد أن حالة مبارك الصحية تسمح له بالمثول أمام المحكمة، في حين يصف أطباؤه حالته بأنها "مستقرة نسبيا".
وخلال أسابيع عدة، بدا أن الرئيس السابق سيحاكم في شرم الشيخ، إلى أن أعلنت وزارة العدل الأسبوع الماضي أنه سينقل إلى القاهرة.
ويسعى محامي مبارك إلى تأكيد أن موكله مريض لدرجة لا تسمح بمحاكمته وأنه لم يأمر بقتل المتظاهرين. وأكد فريد الديب أن مبارك يعاني من السرطان ودخل قبل أيام في غيبوبة، وهو ما نفاه المستشفى.
ويُعد مبارك أول حاكم عربي يقف وراء القضبان للمحاكمة منذ اندلاع ثورات عربية مطالبة بالإصلاح والديمقراطية عرفت إعلاميا باسم "الربيع العربي". وكان الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي -الذي كان أول حاكم عربي يطاح به- حوكم غيابيا على اعتبار لجوئه للسعوية.