اهتمت وكالات انباء اجنبية بما يجري ويدور من تناقضات بين وزراء داخل الحكومة الجزائرية وخاصة فيما يتعلق بنظام الدعم الذي تعتزم الحكومة القيام به للتخفيف من حدة الازمة التي تعاني منها الجزائر. تضارب التصريحات بين الوزير الأول اويحيى ومعه وزير الداخلية من جهة وتصريحات وزير المالية، عبد الرحمن راوية، القت بضلالها على المادة الصحفية لدى الوكالات الدولية، ومن بين اهم المصادر التي اهتمت بالموضوع، الوكالة الانجليزية رويترز للأنباء التي نقلت عن "راوية" قوله اول امس إن "الحكومة تتطلع لإجراء إصلاحات في نظام الدعم مع سعيها للتخلص من عجز الميزانية خلال ثلاث إلى أربع سنوات"، وأن "خفض الدعم سيتم في سياق إصلاحات تهدف إلى جعل النظام أكثر كفاءة". الوكالة الأنجليزية ليست الوحيدة التي أوردت الخبر، بل نقلته أيضا العديد من المصادر وبمعلومات متطابقة، وهو ما يؤكد أن تصريح راوية مؤكد وثابت... فلماذا إذن سارع الوزير الأول ومعه وزير الداخلية إلى التنصل من تصريح وزير المالية؟ ولتبرير موقفه لم يجد الوزير الأول، أحمد أويحيى، من منفذ للخروج من تداعيات التصريحات التي أدلى بها وزير المالية، عبد الرحمن راوية قبل أيام، في دبي الإماراتية، غير تحميل المسؤولية لوسائل الإعلام التي نقلت الخبر، معتبرا ما نقل عن راوية مجرد تأويلات جانبت الصحة. وكان وزير المالية أكد الأسبوع المنصرم على هامش اجتماع المنتدى العربي الثالث حول المالية العمومية بحضور رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، شروع الحكومة في تطبيق إجراءات عملية لرفع الدعم عن بعض المواد التي رصدت لها الخزينة العمومية على مدار عقود أغلفة مالية معتبرة، بداية من 2019، وهو ما أثار جدلا واسعا، لا سيما وأن الظرف غير مناسب لإطلاق مثل هذه الإجراءات. يذكر ان الوزير أويحيى ، خرج نهاية الأسبوع من ولاية بسكرة حيث احتفل بالذكرى ال 21 لتأسيس حزبه التجمع الوطني الديمقراطي، لينفي أن يكون وزير ماليته قد أدلى بتصريحات تؤكد عزم الحكومة على رفع الدعم عن المواد ذات الاستهلاك الواسع بداية من العام المقبل. وقال أويحيى: "الحكومة لن ترفع الدعم عن المواد واسعة الاستهلاك، لا عن الحليب ولا البنزين..هناك مغالطات وتأويلات يرافقها هجوم سياسي وإعلامي ضد تصريح مسؤول بالحكومة"، في إشارة إلى تصريح وزير المالية، وهو ما خلف زوبعة من ردود الأفعال، لأن قرارا من هذا القبيل، حسب المتتبعين، يتعارض مع أحد المبادئ التي بنيت عليها الدولة الجزائرية المستقلة مثلما حددها بيان أول نوفمبر 1954. وسبق وزير الداخلية نور الدين بدوي، أويحيى في الرد على راوية، حيث بادر خلال زيارته لقصر المعارض الثلاثاء المنصرم، إلى التأكيد على تمسك الدولة بالدور الاجتماعي رغم الصعوبات المالية التي تكبدتها منذ تراجع أسعار النفط، وقال: "سمعنا أن هناك تخليا من الحكومة عن دعم القدرة الشرائية للمواطنين، وهذا غير صحيح.. الرئيس أمرنا بمواصلة سياسة الدعم الاجتماعي". يذكر ان ردود الأفعال التي أثارتها تصريحات وزير المالية بخصوص الدعم الاجتماعي، أو ما يعرف باللغة الحكومية التحويلات الإجتماعية، كشفت مدى حساسية الملف وتخوفات الجهاز التنفيذي في التعامل معه، ويرى مراقبون أن التناقضات في تصريحات الوزراء من شأنه تأجيج الاوضاع ، خاصة وان الجبهة الاجتماعية تعيش حالة غليانا غير مسبوق.