ألهب طواف المشاعل التقليدي الذي نظمه الحرس الملكي، التجسيد الرائع لغنى الإرث الحضاري للمملكة، كورنيش المضيق مساء أمس السبت، واستقطب كعادته آلاف المتتبعين، في إطار الاحتفالات بالذكرى ال18 لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس على عرش أسلافه الميامين. فقد جابت تشكيلات من موسيقيي ومشاة وخيالة الحرس الملكي أهم شوارع مدينة المضيق، انطلاقا من الإقامة الملكية والى غاية شارع للا نزهة، وصولا إلى ساحة الكورنيش، على وقع نغمات عسكرية وأخرى من ريبرتوار الأناشيد والأغاني الوطنية الحماسية، التي تؤرخ لفترات مجيدة من تاريخ المملكة. وهكذا، جذب عناصر الحرس الملكي الجمهور الحاضر بحركات متناسقة مرفوقة بإيقاعات من ربيرتوار الأغاني الوطنية، التي صدحت بعظمة المملكة واستحضرت فخر شعب بأكمله. واستمتع الجمهور، الذي لم يفوت الفرصة لتخليد هذه اللحظات التي لا تنسى، بلوحات فنية من أداء طواف المشاعل، الذي شكل نجمة خماسية قبل أن يرسم بداخل هذه النجمة شعار المملكة. وببدلاتهم التقليدية، قام حملة المشاعل بعزف النشيد الوطني، قبل أن تزيد جمالية هذا الحفل من خلال التنسيق الرائع والمتوازن في حركاتهم، في انسجام تام بين الحركات الاستعراضية والإيقاعات الموسيقية. كما استعرضت تشكيلة من القوات المسلحة الملكية الجوية والدرك الملكي لوحات فنية زاخرة بالألوان، أثارت إعجاب ساكنة وزوار المدينة. ويعتبر الطواف بالمشاعل من بين مظاهر الإبداع المغربي المتفرد والأصالة المغربية، خاصة وأن هذا الطواف، الغني بدلالاته ورمزيته التراثية والجميل في أدائه، أضحى تقليدا سنويا دأب على إنجازه بإتقان الحرس الملكي منذ سنوات بعيدة، خاصة خلال ليلتي عيدي العرش والشباب. وتجدر الإشارة إلى أنه تم تنظيم الطواف بالمشاعل بمناسبة عيد العرش لأول مرة سنة 1947 انطلاقا من القصر الملكي بالرباط ليجوب أهم شوارع المدينة، على وقع نغمات الموسيقى العسكرية وفق نظام ثابت لم يعرف أي تغيير منذ ذلك التاريخ، باستثناء بعد اللوحات الفنية الاستعراضية. ويتنافس حملة المشاعل والخيالة والموسيقيون على السواء لجعل بدلاتهم في أبهى حلة، ولتقديم أجمل العروض لإمتاع الجمهور ومشاركة الشعب المغربي احتفالاته بالأعياد الوطنية التي لها وقع خاص في نفوس المغاربة من كل الأجيال. ومنذ سنة 1993 أصبح الطواف بالمشاعل يختتم بعروض بالسلاح حيث تشكل موسيقى ومشاة الحرس الملكي لوحات كوريغرافية وهندسية رائعة تبرهن عن مدى التمرينات التي يقومون بها استعدادا لهذه المناسبات ويرمز هذا الطواف البديع، الذي شهدت على تفرده العديد من المدن المغربية، إلى تشبث المغاربة بتقاليدهم العريقة، وهو ما تعكسه دائما الأعداد الكبيرة التي تتقاطر بكثافة على مشاهدته سنة بعد أخرى، خاصة وأنه أصبح رمزا من رموز التعبير الوجداني للمغاربة بحدث عيد العرش المجيد.