عندما أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في أبريل الماضي عن إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، كانت تبدو على ثقة كبيرة في إحراز أغلبية مريحة تمكنها من تعزيز موقفها في مفاوضات خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي. فالحزب العمالي، المنافس العنيد لحزب رئيسة الوزراء كان في أدنى مستوياته آن ذاك في استطلاعات الرأي، بسبب الانتقادات التي تعرض لها رئيسه جيريمي كوربن والتي خلقت انقسامات داخل الحزب بدى معها غير قادر على مواجهة المحافظين. غير أن الهجمات الإرهابية، التي استهدفت بريطانيا في الثلاثة أشهر الأخيرة كان آخرها اعتداء السبت الماضي في لندن والذي خلف مقتل سبعة أشخاص، ألقت بظلالها على الحملة الانتخابية حيث ارتفعت حدة الانتقادات للسياسة الأمنية التي تعتمدها تيريزا ماي وتحملها مسؤولية تصاعد وتيرة الهجمات بسبب إجراءات اتخذتها عندما كانت تشغل منصب وزيرة للداخلية (2010 - 2016) في حكومة ديفيد كامرون، مما يوحي بأن الطريق لن تكون معبدة أمام هذه الأخيرة لكسب رهان هذه الانتخابات. وكان من الطبيعي أن يستغل كوربن الأحداث الدامية التي عرفتها بريطانيا لتوجيه سهام النقد إلى منافسته تيريزا ماي بلغت حد مطالبته أمس الاثنين باستقالتها بسبب ما اعتبره تساهلا في تعاملها مع التهديدات الإرهابية. كما اتهم زعيم العماليين رئيسة الوزراء البريطانية بمسؤوليتها عن خفض عدد عناصر الشرطة عندما كانت وزيرة للداخلية، حيث أشار إلى فقدان خلال هذه الفترة لحوالي 20 ألف وظيفة في صفوف رجال الأمن، ووعد بالمقابل بتوظيف المزيد من رجال الشرطة لزيادة أمن الأحياء الذي يعتبره عنصرا أساسيا في استراتيجيات مكافحة الارهاب. وإن كان من الصعب قياس مدى تأثير هذه الاتهامات على فرص نجاح حزب المحافظين في هذه الانتخابات السابقة لأوانها، فإن أحداثا مماثلة عرفتها عواصم أوروبية أخرى كانت حاسمة في توجيه السلوك الانتخابي للمواطنين عكس التوقعات. وبالإضافة إلى الجدل الذي خلفته الاعتداءات التي استهدفت بريطانيا، سجل الزعيم العمالي جيريمي كوربن عددا من النقط لصالحه في حملته الانتخابية من خلال تركيزه على مواضيع تستأثر بالمعيش اليومي للبريطانيين كملف الصحة والمساعدات الاجتماعية، في وقت غيرت فيه تيريزا ماي موقفها من الميزانيات المخصصة للقطاعات الاجتماعية وبدت أقل ظهورا وتفادت المواجهة المباشرة مع خصمها في مناظرة تلفزيونية. وبهذه الطريقة، تمكن كوربن من تقليص الفارق بين الحزبين حيث انخفض من 20 في المائة في مطلع شهر ماي إلى 9 في المائة حاليا، مما قد يجعل تيريزا ماي تخفق في الفوز بالأغلبية المطلقة حتى ولو تصدر حزبها نتائج هذه الانتخابات. هذه التوقعات ستضع رئيسة الوزراء البريطانية أمام سيناريوهات لا تخدم أجندتها السياسية حيث سيتعين عليها البحث عن شركاء لتشكيل الأغلبية أو المغامرة بحكومة أقلية، وفي كلتا الحالتين ستكون تيريزا ماي قد فشلت في تحقيق الهدف من هذه الانتخابات وسيكون موقفها ضعيفا وهي تفاوض خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وبالإضافة إلى الحزب المحافظ والحزب العمالي، يشارك في الانتخابات البريطانية السابقة لأوانها بعد غد الخميس عدد من الاحزاب السياسية من أهمها الحزب الوطني الاسكتلندي (يسار)، والليبراليون - الديموقراطيون، بالإضافة إلى عدد كبير من الاحزاب الصغيرة، ومنها حزبا يوكيب والخضر القوميان، واحزاب اقليمية أخرى. ويتم اختيار النواب ال 650 لمجلس العموم، بالانتخاب الفردي في دورة واحدة.