أكد يوسف العمراني، مكلف بمهمة بالديوان الملكي، أمس الأربعاء بواشنطن خلال مؤتمر نظم بصفة مشتركة من قبل مؤتمر ميونيخ للأمن وأطلانتيك كاونسيل، أن استراتيجية المغرب، الوقائية والمتعدد الأبعاد، لمحاربة الإرهاب تجمع بين مقاربة شمولية أثبت نجاعتها، ومبادرات رائدة جعلت من المغرب فاعلا ملتزما على الصعيد الدولي. وأبرز العمراني، في هذا السياق، أن التجربة المغربية تمت بلورتها من خلال إصلاح الحقل الديني، الذي تم الانخراط فيه تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مشيرا إلى أن هذه المقاربة كانت حاسمة في احتواء التهديد الإرهابي بكافة أشكاله وتعزيز المذهب المالكي، الذي يدعو لقيم الحوار والتسامح والاعتدال. بالإضافة إلى نجاح إصلاح الحقل الديني، قال العمراني إن المغرب انخرط أيضا في تكوين الأئمة والمرشدات وفقا للقيم الأصيلة والمنفتحة للإسلام، وهي المبادرة التي استفادت منها العديد من البلدان الإفريقية والعربية. وقال إن المقاربة المغربية، تحت قيادة جلالة الملك، تعد وجيهة جدا على اعتبار أن التهديد الإرهابي لم يكن أبدا أيضا بذلك الشكل الملموس والمعقد. وأمام تعدد التهديدات الإرهابية، أكد العمراني أنه بات من الضروري إرساء استراتيجيات مندمجة ومتناسقة لمحاربة هذه الآفة، والتي تأخذ أيضا في الاعتبار الأبعاد التواصلية والبيداغوجية. وشدد العمراني على أن "البعد الأمني، على الرغم من كونه أساسي وكان حاسما بالنسبة للمغرب في تفكيك العديد من الشبكات الجهادية، فإنه يستدعي أيضا الالتزام المواطن لوسائل الإعلام، في إطار الجهود الرامية لتفكيك الخطابات المتطرفة، سواء لتنظيم داعش أو الجماعات المتشددة الأخرى". واعتبر أن "المجتمع الدولي بأسره معني بهذا التهديد المتفشي الذي يتغذى أيضا على الفوارق المتنامية القائمة بين البلدان والمناطق. لهذا دعا المغرب، غير ما مرة، إلى عولمة ذات وجه إنساني أكثر تضامنا ووعيا بالترابط القائم بين رفاهياتنا المشتركة". وقال العمراني إن مكافحة أكثر فعالية تقتضي أيضا تشاورا صادقا وفعالا على الصعيدين الإقليمي والدولي. وأبرز أن هذه المعركة التي "نحن ملتزمون بها جميعا، تمتد على المدى البعيد وتنطوي، بعيدا عن الإنجازات المحرزة، على مقاربة أكثر اندماجا وبرغماتية وتضامنا، تنكب في الوقت نفسه على معالجة جذور الشر والتسوية المستدامة للتوترات الحالية والمستقبلية". وفي سياق جيواستراتيجي أوسع، أثار العمراني الانتباه إلى أن عدم قدرة المجتمع الدولي على إيجاد حلول للأزمات المستمرة في منطقة الشرق الأوسط، يشكل أرضية خصبة لتمدد وانتشار الدعاية الجهادية للحركات المتطرفة. وتابع العمراني أنه يتعين على المجتمع الدولي اليوم مواجهة الواقع المظلم الذي يسود في مناطق التوتر والأزمات، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن الصراعات في سورية وليبيا واليمن والعراق قد ساهمت في تدويل الإرهاب، الذي يهدد اليوم السلم والاستقرار الإقليميين. كما أشار إلى أن القضية الفلسطينية لا تزال تغذي كافة الإحباطات لذا يجب أن تظل ذات أولوية في القضايا الملحة التي يتعين معالجتها من قبل المجتمع الدولي. وأعرب العمراني عن الأسف، لأن "هناك حقيقة، اليوم، تتمثل في كون المجتمع الدولي غير قادر على وضع بدائل للأزمات الحالية"، لافتا إلى أن الانقسامات بين أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن القضية السورية تعكس عدم القدرة على المضي قدما وتجاوز الخلافات، نحو حلول مبتكرة ومفعمة بآفاق واعدة من أجل غد أفضل. وفي معرض حديثه عن المغرب، أبرز العمراني أن المملكة، تحت القيادة الاستباقية لجلالة الملك، أضحت حاملة لواء تعاون إقليمي مبتكر، قادر على توحيد كافة الجهود بهدف ترسيخ أسس الاستقرار الضروري لتحقيق التنمية الداخلية. وخلص العمراني إلى أنه بالإضافة لذلك فالاختيارات الجيواستراتيجية للمغرب مكنت من إقامة شراكات استراتيجية ومتعددة الأبعاد، بفضل آليات مبتكرة، والتي سمحت، سواء على الصعيد السياسي أو الجيواستراتيجي، للمغرب بالصمود في وجه الأحداث الظرفية التي تشهدها منطقتنا حاليا. وتميز مؤتمر ميونيخ للأمن بمشاركة ثلة من الشخصيات الأمريكية والدولية المرموقة.