تحفل كواليس سوق السمك بميناء الدارالبيضاء بالكثير من صور الغش والتحايل والغلاء الفاحش. وأكثر هذه الظواهر شيوعا ، تلك القدرة غير العادية لبعض باعة الأسماك على إقناع المشترين بأن السمك المبرد المحفوظ في الثلاجة لأيام عدة هو سمك طازج، في الوقت الذي يعمد فيه بعضهم إلى طلاء خياشيم السمك غير الطازج "البائت" باللون الأحمر حتى يبدو طازجا للناظرين ويسرّ أنظار عشاق أطباق الأسماك، وإذا ما ظهرت على ملامح المشتري علامات الشك أو عدم التصديق، فسرعان ما يقطعه البائع بحلف الأيمان الغليظة بأن ما يقوله حق.
"الناس كيكلو الحوت مصبوغ بالعكار الفاسي" ، "أنا بعيني كانشوفهم شادين الحوت القديم وكيصبغو فيه بالعكر باش ايبان جديد" قد تبدو هذه التصريحات مجرد مزحة أو نكتة مسلّية في هذا الشهر الفضيل، لكنه واقع الحال، للأسف، في سوق السمك بميناء الدارالبيضاء، فباستعمال طرق الغش والتحايل يجني بائعو السمك وتجار فواكه البحر أموالا طائلة غير مشروعة، ويراكمون ثروات كبيرة في ظروف وجيزة، خصوصا وان هناك أناسا ليست لديهم دراية بالحِيل التي يلجأ إليها بعض الباعة لإخفاء عيوب سلعتهم، فيشترون سمكا فاسدا قد يتسبب لهم في زيارة اقرب مصلحة للمستعجلات.
"مصائب قوم عند قوم فوائد" مقولة تنطبق على استغلال تجار السمك لهذه الفرص التي يكثر فيها الطلب على السمك، في شهر رمضان، فتعرف أثمان مختلف أنواع السمك ارتفاعا صاروخيا، بحيث أن سمك الفرخ، الذي لا يتجاوز 15 درهما خارج أيام رمضان، يباع في هذا الشهر الكريم بأربعين درهما للكيلوغرام الواحد، أما الميرلا التي ولم يكن يتعدى ثمنها 35 درهما للكيلوغرام الواحد فقد قفز ثمنها ليضل إلى 60 درهما في رمضان، والقمرون من 30 درهما إلى 70 درهما ....الخ.
ويرجع سبب هذا الغلاء إلى المضاربات وغياب المراقبة، من طرف الجهات المختصّة التابعة للمكتب الوطني للصيد البحري، كما أن بعض الموظفين التابعين للجان مراقبة الأسعار والجودة يغضّون الطرف عن هذا الوضع المنحرف مقابل إتاوات يومية ثابتة.