لم يتوقف طموح الإنسان وتطلعاته عند حد الأرض وما فوقها وما تحتها، بل على العكس تماماً، ففي حين كان هذا الكائن الفريد يبحث وينقب ويسعى على هذه البسيطة ويستكشف ويخترع ويحسن حياته واقتصاده ويسعى في الأرض ويجوب بين حضاراتها المندثرة ويبني حضارات جديدة، لم يزح ناظريه عن السماء وعن هذه النجوم المتلألأة والكواكب البراقة والقمر المنير والشمس الساطعة والمذنبات المذهلة والفضاء الواسع. فلقد حاول التعرف عليها عن طريق تطوير علم الفلك، والأدوات المستخدمة فيه كالتليسكوب وغيره، ومع ازدياد معرفته بالفضاء وبأجرامه، ازداد اشتياقه للوصول إليه والاحتكاك بمحتوياته فكانت هذه أقصى أحلامه، فتنافست الدول على نيل شرف سبق الوصول إلى الفضاء والخروج من نطاق الكرة الأرضية واستطاع فعل ذلك في القرن المنصرم، إذ شهد القرن الماضي على ما كان فيه من ويلات ونكبات على البشرية جراء التغطرس البشري الذي لا حدود له، شهد إنجازات بشرية هائلة ستظل محفورة في ذاكرة الإنسانية جمعاء، وذلك بسبب التسابق بين قطبي العالم الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد السوفياتي وتحديدا روسيا في الوصول إلى الفضاء أولاً والسيطرة عليه فبدأوا بالاختراعات المدعومة من الحكومة وإرسال البعثات الفضائية الاستطلاعية وغيرها والدراسة الفضائية من الأرض، في محاولة إنسانية فريدة تظهر مدى تطلعه وشغفه لاكتشاف المجهول حتى لو كان هذا المجهول هو شيء بعيد جداً كالفضاء وأجرامه السماوية المختلفة ابتداءً من القمر وانتهاءً بأبعد نحم عن الكرة الأرضية كوكبنا العزيز.
اسم ناسا هو اختصار لهيئة أمريكية مختصة في الفضاء تابعة للحكومة الأمريكية وهي الإدارة الوطنية للملاحة الفضائية والفضاء (National Aeronautics Space Administration &)، تم تأسيسها في نهايات العقد الخامس من القرن الماضي تحديداً في العام 1957 ميلادية على يد الرئيس الأمريكي آيزنهاور، وهي الوكالة المسؤولة عن تطوير برامج الأبحاث الفضائية الذي تشرف عليه حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهي ليست وكالة عسكرية إذ إنها تتخذ الطابع المدني البحت.
جاءت فكرة إنشاء وكالة ناسا بعد أن سبب إطلاق القمر الصناعي الروسي (سبوتنك) صدمة عنيفة للأمريكان، بسبب التقدم الذي وصل إليه الروس والعالم في هذا المجال، فقرروا التقدم والريادة الفضائية فأنشأوا الوكالة التي عملت على تطوير ما يعرف بالرحلات المأهولة إلى الفضاء، ومن ضمن هذه البرامج والمشاريع التي عملت عليها ناسا بعد تأسيسها مباشرة الطائرة (X15) وميكوري وأوبولو ومختبر الفضاء (Sky lab)، وأبولو سويوز والمكوك الفضائي، وهناك أيضاً مشاريع الرحلات غير المأهولة والتي تم إطلاقها إلى الأماكن التي لا يمكن للبشر التواجد فيها كالمناطق القريبة من الشمس والمناطق البعيدة في النظام الشمسي، إضافة إلى دورها في البحث العلمي في مجالات مختلفة.
تجدر الإشارة إلى أنّ ناسا فازت في الأخير وتوجت جهودها بهبوط الإنسان على سطح القمر.