الحلقة الثالثة طلب صاحب اليد .. من صديقه، ذات مرة أن يتصل بأحد أقطاب الحزب السابقين (وكان هذا القطب شغل منصب وزير وكان قد تنافس بدوره على الأمانة العامة لحزب الاستقلال مع الأستاذ امحمد بوستة، وكان أيضا هذا القيادي وصل لتوه إلى تحمل مسئولية انتخابية جديدة بمدينة فاس مازال يمارسها لحد الآن، وصاحب اليد هو من أوصله إليها) طلب صاحب اليد من صديقه الإعلامي أن يجري حوارا صحفيا مع هذا القيادي والوزير السابق، لينشر في صحيفة كان يصدرها صاحب اليد ..
استغل الصديق الإعلامي فرصة تواجد القيادي الاستقلالي في مؤتمر ما، كان يعقد بالمدينة فوجد في طريقه هذا القيادي الاستقلالي الفاسي،طًلب منه ماطلب منه أن يقوم به لكنه (أي الإعلامي) فوجئ بالقيادي الاستقلالي يسأله : هل أخبرت سيدي (..... ) بهذا الأمر؟
هكذا أصبحت العائلات الفاسية المتجدرة تنادي صاحب اليد: سيدي . ... أوليست هذه هي قمة المأساة !
القيادي الاستقلالي هذا كان أحد الطامعين في رئاسة مجلس المدينة، لكن صاحب اليد بمكره ودهائه استطاع أن يصرف القيادي الفاسي عن فكرة موضوع رئاسة المدينة، فطلب منه أن يجلس ببيته .. ولا يصرف درهما واحدا، وألاّ يخرج حتى في الحملات الانتخابية، وأن مقعده كرئيس لجهة أخرى داخل المدينة مضمونة ..تكفل صاحب اليد بكل شيء .. من الباء، صعودا للألف .. لفائدة هذا القيادي القديم . وفعلا أصبح رئيسا دون أن يغادر بيته الفاسي العريق ..
سقنا هذه الواقعة، وهي واحدة من عشرات الوقائع لنعرف كيف استطاع صاحب اليد التي أصبحت طويلة جدا، أن يكسب ود الفاسيين، كل بطريقة تخصه..
مثلا سقنا في مضى . كيف سيطر صاحب اليد .. على المنعشين العقاريين والمقاولين الذين كان يوزع عليهم الرخص ب" المجان " في المطاعم والمقاهي الراقية وأماكن مختلفة دون أن يطلب منهم مقابلا .. كان يفعل ذلك بمكره ودهائه لأنه كان يعلم نتيجة ما يقوم به من أجل المستقبل هؤلاء سالت لعابهم كثيرا فأصبحت هذه اللعاب تضاهي مياه وادي بوخرارب الشهير بفاس .. لدرجة أن بعضهم انتهى الآن من بناء كافة العقارات بداخل المدينة وأطرافها، ليؤسسوا مدينة "كاليفورنيا" بأحد المداخل الرئيسية للمدينة التي احتلها صاحب اليد...
لقد استطاع الرجل أن يطوع كل معارضيه داخل الحزب الذي ينتمي إليه ومن خارجه لدرجة أنه مول ذات مرة مؤتمرا بالكامل نظمه حزب جديد بالمدينة ولا علاقة لإديولوجية هذا الحزب بإديولوجية حزب الاستقلال على الإطلاق .. لكن صاحب اليد كان يتوقع أن يكون لهذا الحزب صدى بالمدينة، وقد قرأ أن منظمي المؤتمر لا يستطيعون فعل الكثير خلال مؤتمرهم فمدهم بالمال وجند لهم الرجال والنساء ليملأوا القاعات فكان مؤتمرا ناجحا بفضل تخطيط ودعم صاحب اليد ..
أما الذين ينتمون لحزبه .. فإنه كان يعلم مسبقا ثمن كل واحد منهم .. فمدهم بما يريدون فأضحوا عبيدا له، فبعد أن كانوا يسخرون منه في بداية ظهوره السياسي أصبحوا يلقبونه بألقاب ويسمونه بأسماء ويصفونه بصفات .. زادت من كبريائه وغلظته، وصفوه الأستاذ ومنحوه لقب سيدي .. و .. و .. والقصة طويلة . لكنه كان ولا زال يعلم أنه غير مؤهل لحمل هذه الصفات والالقاب.
وأن الذين ينادونه أو يسمونه بها إنما يفعلون ذلك مقابل إطعامه لهم وكسوتهه لهم..
هؤلاء الا ستقلاليين لايستطعون على الإطلاق أن يكونوا ضده لا حالا ولا مستقبلا، وإذا ما خيروا بين ولائهم للحزب وولائهم لهذا الشخص فإنهم سيختارون الحل الأخير والسبب بسيط، كل عطاءاته لهم موثقة فإذا ما أراد أحدهم الخروج على طاعته .. فضح أمره أمام الملأ .. كما يفعل الآن مع بعض النقابيين الذين يرغبون من حين لآخر أن يظهروا نوعا من المعارضة لبعض قراراته، فإنه لا يربأ أن يكشف خلال الاجتماعات عن المستحقات التي يتقاضوها مقابل صمتهم .. فيصمتون .