دعا المتدخلون في ندوة حول "الوحدة التربية والأمن الوطني ...أي مآل لإفريقيا"، نظمتها مؤسسة منتدى أصيلة أمس الجمعة، إلى "إبداع حلول مبتكرة ومتجددة، ومضاعفة الجهود والمقاربات الاستراتيجية على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية من أجل تحقيق حلم وأمل إفريقيا الناهضة". وشدد المشاركون في هذه الندوة، التي افتتحت فقرات جامعة المعتمد بن عباد الصيفية في دورتها 31، المنظمة في إطار موسم أصيلة الثقافي الدولي 38، على ضرورة التكتل في إطار إقليمي أو شبه إقليمي لمواجهة مخاطر النزاعات الحدودية والعرقية الطاحنة التي عرفتها وتعرفها القارة، وكذا مخاطر الإرهاب والبلقنة التي تهددتها وتتهددها.
وفي هذا السياق، أكد الرئيس الغاني السابق، جون أجيكم كوفور، على ضرورة تعزيز التشريعات والحكم الرشيد في القارة، من أجل النهوض بالاقتصاد وكذا تعزيز القطاع الزراعي، وإسقاط الحواجز الجمركية ومكافحة الفساد وتأهيل البنيات التحتية.
وأضاف كوفور، الرئيس المشارك للمنتدى الإفريقي العربي اللاتيني الأمريكي، أنه على الحكومات الإفريقية الإسراع بالاستجابة لاحتياجات شعوب بلدانها، وعلى المنظمات غير الحكومية توحيد صفوفها لإبراز قوتها.
وشدد مبوي واغاشا، المستشار الاقتصادي الأول لرئيس كينيا، على دور المرأة في تنمية القارة، داعيا إلى التفكير في إيجاد فرص شغل للخريجين، وتحسين ظروف عيش الشباب واسترجاع ولو نسبة من العقول الإفريقية المهاجرة إلى الخارج كي تسهم في الدفع بعجلة التنمية في بلدانها الأصلية.
وأبرز البرلماني لاميدو مومني هارونا (النيجر)، الدور الأساس للتربية والتعليم والصحة خاصة في بلدان جنوب الصحراء، ووجوب تضافر الجهود وتعزيز التعاون مشيرا إلى أن الإرهاب ، المتستر بعباءة الدين، يجد مرتعا خصبا في مناطق تم فيها اكتشاف موارد نفطية هائلة من قبيل وجود جماعة بوكو حرام المتشددة في منطقة حوض بحيرة تشاد.
أما الأكاديمي المصطفى رزرازي، المختص في الدراسات الاستراتيجية للعالم العربي وآسيا، والأمين العام للجنة المدنية لإفريقيا بطوكيو، فقد عزا نشاط الحركات الإرهابية في بعض بلدان القارة الإفريقية إلى ضعف التنسيق الأمني بين بلدانها، وضعف التبادل بينها، ما يحول دون تسريع عملية التنمية والقضاء على الصراعات الداخلية التي تنهشها.
واستعرض رئيس جمعية المؤرخين الأفارقة، دولاي كولاتي (مالي)، تاريخ الصراعات العرقية والهوياتية في القارة السمراء لأسباب داخلية وخارجية أيضا، داعيا إلى التصرف بواقعية ومتسائلا عن المستفيد من جريمة إعادة بلقنة إفريقيا.
وأكد الخبير الأمريكي جون بتير فام، مدير المركز الإفريقي في المجلس الأطلسي بواشنطن، أن الآفاق المستقبلية للقارة الإفريقية ممتازة إلا أنه لا بد من الاستقرار من أجل اكتساب المشروعية، مذكرا بأن الاستراتيجية الأمريكية إزاء إفريقيا في عهد الرئيس الأسبق كلينتون لم تكن تعترف بمستقبل للقارة قبل أن تغير موقفها الآن بسبب النجاحات التي حققتها هذه الأخيرة.
ويرى الخبراء أن القارة الأفريقية، التي تبلغ مساحتها 30 مليون كيلومتر مربع والمتوقع أن تتضاعف ساكنتها البالغة اليوم 10,2 مليار نسمة بحلول 2050 وفقا لتوقعات الأممالمتحدة، تتمتع باقتصاد ديناميكي ومستقر منذ 15 سنة بالرغم من تراجع الاقتصاد العالمي.
ولخص جون بتير فام المحاور التي يمكن للمجتمع الدولي أن يشجعها دعما لإفريقيا في محور السلام والأمن، وتعزيز المؤسسات الديموقراطية والمشروعية ،والاستثمار والتنمية الاقتصادية ، والدمج وعدم إقصاء مكونات البلاد مشيرا إلى أن الدستور المغربي لسنة 2011 يعد قدوة في هذا المضمار لكونه أبرز مكونات المملكة.
واختتمت السفيرة فيرجيني أموكو كوفاح، المفتشة العامة للبعثات الديبلوماسية والقنصلية في وزارة الخارجية الطوغولية، الجلسة الأولى للندوة بالدعوة إلى التكتل ونبذ السلبية وتوحيد الصفوف داخل البلاد وخارجها، وعلى الصعيدين الإقليمي والقاري، داعية إلى تشجيع المبادلات البينية التي تعرف انحسارا هائلا (14 في المئة) بسبب اختلاف الأجندات بين البلدان الإفريقية أساسا.
وكان محمد الشيخ بيد الله، رئيس رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، اعتبر، في حفل افتتاح الدورة الحالية لموسم أصيلة الثقافي الدولي، أن أغلب المشاكل التي يتخبط فيها العالم حاليا مصدرها ثلاثة مؤتمرات عقدتها أطراف دولية استعمارية في مراحل تاريخية متفاوتة.
وأوضح بيد الله، رئيس مجلس المستشارين سابقا، أن الأمر يتعلق بمؤتمر برلين (1884-1885) الذي مزق القارة السمراء واتفاقية سايكس بيكو (1916) الذي شتت منطقة الشرق العربي ومؤتمر الجزيرة الخضراء (1906) الذي قرر في مصير المغرب كمستعمرة أوروبية.
وأكد أن الحلول الناجعة لمشاكل إفريقيا تكمن، بالخصوص، في تعميق الديموقراطية والتعددية الحزبية ذات المصداقية، وإيلاء اهتمام خاص للشباب والنساء والمجتمع المدني والتعليم والبنيات التحتية، وتعزيز التعاون بين البلدان الإفريقية وإقامته على أساس الثقة المتبادلة في إطار احترام المصالح المشتركة.