لم يكن المشاركون في الندوة الدولية حول "الدولة الوطنية والاتحادات الإقليمية في عالم الجنوب" التي افتتحت فعاليات الدورة التاسعة والعشرين من جامعة المعتمد بن عباد الصيفية ضمن منتدى أصيلة، ليخرجوا من أزيد من عشر ساعات من النقاش بتوصيات كان هاجسها تعزيز الاتحاد بين دول العالم الثالث والافريقية منها على وجه التحديد. ودعا المشاركون في إعلان أصيلة إلى ضرورة تنزيل الوحدة الإقليمية الإفريقية من أجل خلق التنمية الاقتصادية والاستقرار لمختلف دول القارة السمراء، مطالبين بتعزيز الدولة المدنية كنوع من مداخل تحقيق اتحادات قوية. ونوه المشاركون في الندوة والتي تجاوز عددهم الثلاثين متدخلا، بما يقوم به ملك المغرب محمد السادس لتعزيز التكامل الاقتصادي وكذا التعاون الاقتصادي بين المغرب وشركائه الإفريقيين، مطالبين في هذا السياق بضرورة إحداث مؤتمر تمثيلي للتكتلات الإقليمية الإفريقية بغاية تبادل الآراء والخبرات والتجارب الإفريقية من خلال تشخيص المشاكل المشتركة وإيجاد الحلول المناسبة لها. وأوصى المشاركون بتنظيم لقاءات لهذه التكتلات بنظيراتها في كل من دول مجلس التعاون الخليجي وأمريكا اللاتينية وآسيا من أجل الانفتاح على تجارب هذه التكتلات وبالتالي تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية أفضل، هذه التوصية جوهرة ولب المسودة. توجه إعلان أصيلة وافقه الوزير الخارجية الكولومبي السابق غيرمو فرنانديز دو سوتو، والذي يشغل حاليا مدير أوربا في البنك اللاتينو أمريكي للتنمية، حيث أكد على ضرورة تقوية العلاقات بين افريقيا وأمريكا اللاتينية كحل للمشاكل الاقتصادية، داعيا إلى إحداث إطار مؤسساتي يجمع بينهما للتصدي لتهريب المخدرات والأسلحة وتشجيع الابتكار التكنولوجي. وشدد المسؤول الكولومبي على ضرورة تجاوز الفوارق الاجتماعية التي ما زالت موجودة في دول العالم الثالث، معتبرا ذلك يتماشى مع التكتلات الإقليمية "وعلينا أن نستثمر المزيد من الموارد لمقاومة الأزمة العالمية وأن نستفيد من تجربة الاتحاد الأوروبي لأن التكامل الإقليمي يعني تعبئة وتوحيد الصفوف وإن عملنا جاهدين سنتمكن من حل المشاكل المشتركة"، يقول نفس المتحدث. من جانبه شدد ناصر عبد العزيز الناصر الممثل السامي للأمم المتحدة في تحالف الحضارات، والرئيس السابق للجمعية العامة للأمم المتحدة، على ضرورة خلق تكتلات عربية قوية لديها دعم دولي، مسجلا أن هناك مشاكل تتعلق بالصحة وفرص التكافؤ بين الجنسين وهي مشاكل تتطلب الوحدة لحلها. "علينا أن نمكن الشباب من صناعة مستقبل أفضل وهذا يعني تصويب المسار"، يقول المسؤول الدولي الذي دعا "إلى مساعدة الوطن العربي على اسقاط العراقيل وتحسين التربية والتعليم وتحسين المنظومات التعليمية ونشر المزيد من التوعية بمشاكل البيئة والمناخ". إلى ذلك وفي سياق الحديث عن المخاطر الإرهابية التي تهدد المنطقة، وخصوصا مع الأزمة المالية دعا عبد الله كوليبالي، مؤسس معهد الدراسات العليا للإدارة بجمهورية مالي، ونائب رئيس منتدى باماكو، إلى تكتل إقليمي يجمع ما بين إفريقيا وأوروبا لحل الأزمة المالية، مشيرا أنه "حتى مع التدخل الأوروبي لا يمكن أن يتم دون الاستعانة بالموارد الإفريقية، لكون المصالح الأوروبية في أفريقيا تبقى مهددة بسبب الأخطار الأمنية". وقال كوليبالي، إن مالي ليس بإمكانها مراقبة حدودها الشاسعة مع سبعة جيران، محذرا من استمرار امتداد الأزمة المالية إلى بلدان أخرى، وخصوصا نحو جنوب ليبيا وجيران آخرين لم يكونوا مستعدين للانخراط في حلها واعتبروها غريبة عنهم.