فاز المرشح المسلم من أصول باكستانية، العضو في حزب العمال البريطاني، المحامي صادق خان بمنصب عمدة لندن. وقبل إعلان وسائل إعلام بريطانية فوزه، مساء الجمعة، أظهرت نتائج أولية لانتخابات اختيار رئيس بلدية جديد للعاصمة البريطانية لندن، تقدم مرشح "حزب العمال"، صادق خان.
وجاء هذا بعد فرز ما يقرب من ثلث الأصوات، بحسب ما أظهر الموقع الرسمي لعمدة لندن، الذي ينشر بيانات رسمية.
وتعتبر انتخابات بلدية لندن ثاني أكبر موعد انتخابي بعد الانتخابات التشريعية في المملكة المتحدة.
ويمثل موقع رئيس بلدية لندن منصة مؤثرة للضغط على الحكومة فيما يتعلق بمصالح سكان لندن البالغ عددهم 6.8 مليون نسمة.
وأصبح صادق خان (45 عاماً)، والمفضل في استطلاعات الرأي، أول عمدة مسلم لواحدة من كبرى العواصم اﻷوروبية.
وكان خان الخيار المفضل لمنصب عمدة لندن، إذ ينظر إليه على أنه لندني حقيقي؛ عاش في المساكن العامة واستعمل وسائل النقل العمومية وعرف معنى الحرمان، وهو يجسد الطموح في المناطق الحضرية.
وأدلى سكان لندن، الخميس، بأصواتهم لانتخاب رئيس بلدية جديد، بعد معركة حامية بين مرشحين بارزين؛ أحدهما صادق خان، ما يشكل دليلاً مثالياً على التعددية الثقافية في العاصمة البريطانية.
وكانت استطلاعات الرأي قد أظهرت أن خان، مرشح حزب العمال، يتقدم بأكثر من 10 نقاط على منافسه المحافظ، المليونير زاك غولدسميث.
وبهذا يخلف صادق خان النائب عن حي شعبي في جنوبيلندن، رئيس البلدية الذي يحظى بشعبية واسعة، بوريس جونسون، وسيصبح أول رئيس بلدية مسلم لعاصمة غربية كبرى، رغم حملة تشويه واسعة طالته.
وحول هذه المسألة قال، الأربعاء، لوكالة الأنباء الفرنسية: "أنا فخور بأنني مسلم"، مضيفاً: "أنا لندني، أنا بريطاني، لدي أصول باكستانية، أنا أب وزوج ومناصر لنادي ليفربول منذ زمن طويل، أنا كل هذا".
وتابع: "لكن العظيم في هذه المدينة هو أنك تستطيع أن تكون لندنياً من أي معتقد، أو بلا معتقد، ونحن لا نتقبل بعضنا فقط، بل نحترم بعضنا، ونحتضن بعضنا، ونحتفي ببعضنا، هذه إحدى المزايا العظيمة للندن".
وحاول زاك غولدسميث (41 عاماً)، النائب عن حي ريتشموند السكني، على مدى أشهر ربط خان، المدافع السابق عن حقوق الإنسان، بالمتطرفين، الاتهام الذي كرره رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، الأربعاء، أمام البرلمان.
وذهبت صحيفة مايل أون صاندي المؤيدة للمحافظين أبعد من ذلك، حين عنونت قبل أيام: "هل فعلاً سنسلم أروع مدينة في العالم إلى حزب عمالي يقول إن الإرهابيين أصدقاء؟"، وأرفقت العنوان بصورة لحافلة مدمرة من جراء الاعتداءات الإرهابية التي ضربت العاصمة البريطانية في 7 يوليو 2005.
ولد صادق خان عام 1970 في ضاحية Tooting جنوبلندن، كان طفلاً لأسرة مهاجرة بسيطة من باكستان، يعمل والده، معيلها، سائق باص. ذهب صادق إلى مدرسة حكومية، وحظي بمقعد متكافئ مع باقي طلاب المدينة في الجامعة الحكومية، ثم تخرج محامياً، وعمل في مجال الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان، حتى أصبح مديراً ومالكاً لشركة محاماة صغيرة، مؤلفة من خمسين موظفاً. بعد ذلك دخل صادق خان العالم السياسي من أوسع أبوابه، فانتخب نائباً في مجلس العموم البريطاني، أي ما يقابل البرلمان، عام 2005، وفي عام 2008، كان المسلم الثاني فقط الذي يدخل تشكيلة الحكومة البريطانية، كوزير نقل.
في محاولته للتعريف بنفسه، بأقرب طريقة ممكنة إلى قلوب الناس، يكتب خان على موقعه الخاص بانتخابات مجلس المدينة، أنه رجل عادي، من أسرة بسيطة، كان يعمل في مجال حقوق الإنسان لمدة طويلة، ولا يقضي وقته كله في العمل السياسي، بل يحب الرياضة وتمضية الوقت مع العائلة.
يريد خان، على حد قوله، أن يعيد لندن إلى سابق عهدها، كما يعرفها هو: مدينة فيها فرص متكافئة لجميع الموهوبين والعاملين بجدية، فقد أتاحت له لندن أن يعيش في عائلة مكتفية رغم بساطتها، كما أتاحت له الفرصة ليذهب وإخوته جميعهم إلى الجامعة، دون أن يخرجوا مثقلين بالديون، ولأسرته أن تشتري بيتاً بالتقسيط. كما يحب ويقدّر التناغم والتعايش بين الناس في لندن من دون النظر إلى خلفياتهم الثقافية أو الدينية أو الاثنية، كل هذا يدفعه إلى المضي قدماً في تلك الانتخابات، لأنه يريد أن يرى لندن كما يعرفها قبل أن تذهب في اتجاه أسوأ مما هي عليه الآن.