بعد يومين فقط من اتهامه لها بالوقوف وراء تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية وتساهلها مع الجماعات المتشددة والجهادية، رفع الرئيس قائد السبسي من حدة هجومه على النهضة السبت ليعتبر أن إنهاء حكمها عن طريق صناديق الاقتراع "جنّب تونس بحرا من الدماء" مشددا على أنها كادت تجرد الدولة من "سيادة قرارها" من خلال ارتهانها لسياسة محاور لا تخدم مصلحة البلاد. وقال قائد السبسي في حديث صحفي، نقل مضامينه ميدل إيست أونلاين، إلى ان النهضة فصيل الإسلام السياسي في حكومة الترويكا التي حكمت تونس خلال عامي 2012 و2013 "ترك تونس في وضع أسوأ" من وضع ما قبل انتفاضة يناير 2011 على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدبلوماسية.
وشدد على أن فوز النداء العلماني في الانتخابات كان له إسهام حاسم في إزاحة النهضة من الحكم بطريقة مدنية مما جنب تونس "بحرا من الدماء".
وبدت هذه التصريحات رسالة قوية إلى التونسيين مفادها أن تقاربه معها لا يمنع من أنها تمثل خطرا على التجربة الديمقراطية الناشئة.
وأكد أن قيادات الترويكا ساهمت في "الانحراف بتونس عن ثوابتها" حيث حادت تونس عن ثوابت دبلوماسيتها التي انتهجتها دولة الاستقلال وهي ثوابت تقوم على الالتزام بالشرعية الدولية واحترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وعدم الدخول في سياسة المحاور.
وتتطابق تصريحات قائد السبسي مع آراء الدبلوماسيين الذين لا يترددون في التشديد على أن ارتهان حكومة الترويكا بقيادة النهضة لسياسة محاور إقليمية تسعى إلى تدمير المنطقة العربية تحت مسمى "الربيع العربي" قاد إلى توتير علاقات تونس العريقة والوثيقة مع بلدان عربية واجنبية وهدد مصالحها.
وهاجم الرئيس التونسي تنظيم الإخوان قائلا "ما من شك في أن نهم الإخوان وتسرعهم في محاولة السيطرة على مفاصل الدولة والإدارة ساهم في كشف مخططاتهم التي كانت تهدف إلى الاستحواذ والاستئثار بمزايا الثورات التي قامت بها الشعوب وتحويل وجهتها إلى وجهة معادية للمدنية والحرية".
وأضاف مستدركا "غير أن الشعوب تحركت لاسترجاع ثوراتها حيث أنهت مصر تغلغل الإخوان وحكمهم ونجحنا نحن في تونس في إزاحة النهضة من الحكم بطريقة مدنية لم تلوثها الدماء وهو ما يمثل استثناء تونسيا بحتا".
وفي ما يتعلق بالسياسة الخارجية قال قائد السبسي إن إقحام النهضة لتونس في "سياسة المحاور كاد يفقدها سيادية قرارها لولا أن التونسيين هبوا وغيروا الأوضاع بصفة جوهرية وفرضوا عبر الانتخابات النداء لتسيير الشؤون العامة" في إشارة إلى قطع طريق الحكم أمام النهضة خلال انتخابات العام 2014 التي فاز فيها النداء بالأغلبية البرلمانية ومؤسسه برئاسة الجمهورية.
وكشف الرئيس التونسي أن زيارته إلى عدد من الدول الخليجية والعربية تأتي من أجل رأب الصدع الذي تسببت فيه سياسات النهضة وقال إنه وجد لدى هذه الدول "إرادة صادقة في التجاوز واقتناعا تاما من الأخوة في دول الخليج" بضخ دمٍ جديد في العلاقات مع تونس، لافتا اتفاقيات مهمة في زياراته إلى كل من السعودية والأردن والكويت والبحرين.