تسعى تركيا حاليا لحفظ ماء وجهها أمام اسرائيل التي يبدو أنها ليس على عجلة من أمرها للتطبيع والمصالحة مع انقرة رافضة أبرز شروط الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لإنجاح المفاوضات، وهي شروط يريدها اردوغان لتبرير "تهافته" على إحياء العلاقة الحميمة مع تل أبيب. وفي هذا السياق دفعت انقرة بعدد من باحثيها من أجل إقرار صيغة "مناسبة" للمصالحة والتطبيع مع اسرائيل التي ترفض رفضا مطلقا طلب انقرة برفع الحصار عن غزة ودفع التعويضات عن الهجوم على سفينة مرمرة الزرقاء عام 2010 في عرض البحر الأبيض المتوسط، بينما كانت تحمل على متنها عددا من الناشطين وتتجه نحو غزة من اجل رفع الحصار عليها كما قال منظمو الرحلة آنذاك.
وخلال دجنبر 2015، التقى في سويسرا ممثّلون عن الدولتين للتقدم نحو اتّفاق يقود إلى تطبيع العلاقات بين البلدين.
لكن رسالة مشتركة تدعو للإسراع بإعادة العلاقة بين البلدين أعدها عدد من الباحثين الأتراك والإسرائيليين بطلب رئيس من انقرة قالت إن العلاقات بين أنقرة وتل أبيب تراوح مكانها.
ونقلت الرسالة عن مصدر إسرائيلي مسؤول، إن الاتصالات الإسرائيلية التركية لإنجاز اتفاق المصالحة بين الجانبين "تراوح مكانها"، وأنها لم تحقق بعد أي تقدم ملموس.
ومن جهته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن اللقاءات مستمرة مع الجانب الإسرائيلي بغرض تطبيع العلاقات، إلا أنه لم يتم بعد التوصل إلى تفاهم.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عنه أن إسرائيل لن ترفع الحصار المفروض على قطاع غزة.
ويعد رفع الحصار عن غزة هو واحد من الشروط الثلاثة التي وضعها الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، من أجل إتمام المصالحة، ولكن يبدو أن تل أبيب تضرب بشروط أردوغان عرض الحائط، وترفض الموافقة عليها.
وأوضح جاويش أن الجانب الإسرائيلي لم ينفذ سوى الشرط الأول، وهو الاعتذار عن الهجوم على سفينة "مرمرة الزرقاء" عام 2010، التي كانت تحمل مساعدات إلى قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل 10 ناشطين أتراك كانوا على متنها، في حين لم تنفذ إسرائيل بعد الطلبين الآخرين المتمثلين في دفع تعويضات، ورفع الحصار المفروض على غزة، مضيفا "لم يتم بعد التوصل لتفاهم"، بخصوص تلك النقطتين.
وقال مراقبون إنه وبعد موافقتها على صيغة المصالحة والتطبيع مع مع تل أبيب، تنتظر تركيا موافقة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عليها.
وأضاف هؤلاء أنه ولحفظ ماء وجهها فإن انقرة تدفع حاليا بباحثيها من أجل إقرار صيغة المصالحة.
ووجه خمسة من الباحثين الأتراك والإسرائيليين، رسالة مشتركة ومفتوحة إلى زعماء إسرائيل وتركيا لحثّهم على إقرار صيغة المصالحة الذي توصل إليه طاقمان من الدولتين لتطبيع العلاقات بينهما.
وجاء في الرسالة التي كتبها كل من البروفيسور منصور أكجون والدكتور نمرود جورن، والدكتورة سيلفيا تيرياكي وجبراييل ميتشل ومحمد عماش أن كلا من إسرائيل وتركيا تقفان حاليًا أمام فرصة حقيقية لترميم العلاقات بينهما بعد خمس سنوات من الجمود والتوتر.
وأضاف أصحاب الرسالة "إننا، كباحثين كبار في مراكز أبحاث وسياسة من إسرائيل وتركيا، نعمل سويا منذ العام 2012 لترميم العلاقات، نبارك هذه التطورات وندعو زعماء الدولتين إلى استغلال الفرصة، والتوقيع على الاتفاق المتبلور".
وقالت رسالة الباحثين "في الأشهر الأخيرة، كنا شهودا على تبادل إشارات الدفء المتواصل والمقصود في العلاقات الإسرائيليّة التركيّة".
واتخذت الدولتان خطوات ترمي إلى خلق أجواء أفضل، وتمكنهما من توسيع نطاق التعاون بينهما. ونبع ذلك أساسا من مصالح تتعلق بالغاز الطبيعي في حوض البحر المتوسط، ومن القلق من التطورات في سوريا"، لكن محلّلين يقولون إن تركيا التي تشعر بورطة حقيقية ناتجة أساسا عن الحصار الاقتصادي "المميت" الذي ضربته روسيا عليها، والقلقة من تطورات المشهد السوري الذي يبدو أنه بصدد الارتداد بقوة على أمنها الداخلي، تعمل بقوة على استعادة العلاقات مع تل ابيب كمخرج مهم لورطتها الاقتصادية والسياسية إقليميا ودوليا، وأنها مستعدة لتقديم التمازلات الضرورية لذلك ولو تطلب الامر التضحية بقطاع غزة وحلفائها الاسلاميين هناك.