من بين الكوارث "الجانبية" للانترنيت وما يُنشر من أخبار على مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي، ذلك الهوس حدّ الجنون لنشر كل ما يمكنه ان يخلق "البوز" ويرفع من عدد القراء والمتتبعين، طمعا في الإشهار وامواله، في تحد سلفر لاخلاقيات مهنة الصحافة والمبادئ والاسس التي بُنيت عليها.. ويعتبر هذا الشريط أقوى تعبير عن هذه الظاهرة التي بدأت تنخر جسم الصحافة بفعل لامهنية العديد من مُقتحمي هذا القطاع عنوة وبدون أدنى تكوين ولا ضمير مهني. وهو شريط فيديو تم تداوله بشكل كبير على الفيس بوك والعديد من مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي، بل في مواقع الكترونية يعتبر أصحابها أنفسهم ضمن ممتهني الصحافة، وهذه الاخيرة منهم براء، وليس بينها وبينهم إلا الخير والاحسان..
واختار صانعو الشريط (أو ملفّقوه) موضوع معاشات البرلمانيين والوزراء، الذي استأثر بالرأي العام الوطني مؤخرا بعد فلتة لسان الوزيرة شرفات افيلال (ما يعرف إعلاميا بقضية "جوج فرانك")، ليركبوا الموجة ويذهبوا بعيدا لاستعداء الشعب على البرلمانيين من خلال اختلاق تدخل لاحد البرلمانيين فيه الكثير من الازدراء والسب للمواطنين..
ويظهر في الشريط احد البرلمانيين داخل قبة مجلس النواب وهو يدافع عن معاشات البرلمانيين والوزراء، متحديا المواطنين بان الوضع سيستمر وان نواب الامة سيتقاضون 8000 درهم شهريا بعد تقاعدهم، كما هو الحال بالنسبة للوزراء الذين سيستمرون في التوصل بمعاش قدره 39000 درهم، احب من احب وكره من كره..
ويذهب السيد النائب (المزور طبعا) حد التعبير عن تحديه للشعب المغربي عندما يقول في آخر كلامه بان المعاش باق و"هذا هو القانون، واللّي عاطينا اختو إجي إدّيها، والسلام عليكم.."
وقد تبين من بعد ان هذا الشريط مجرد فبركة، بعد اختلاق تدخل صوتي قام أحدهم بتوضيبه مع صورة لتدخل أحد البرلمانيين، بطريقة مهنية حيث ان الكلام "المشين" الذي أطلقه النائب تمت تلاوته في آخر الشريط بموازاة ظهور رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي على الشاشة حتى لا يكتشف المتفرج حركات شفتي النائب المتدخل..
ومما زاد في احترافية مختلق مقطع الفيديو، هو عدم نسيانه ان يكون كلام النائب متناغما مع حركات المكلف بترجمة تدخلات البرلمانيين إلى حركات يفهمها "الصم والبكم"، وهو ما يمكن ملاحظته في آخر الشريط حيث ان حركات المترجم تتماهى مع كلام النائب من خلال الاحالة إلى الخاتم في اليد وهو تعبير عن الزواج ..إلخ..
يشار إلى ان "مفبركي" هذا الشريط قاموا بالعديد من المحاولات في هذا المجال، من خلال توضيب أشرطة عديدة على قناة اورانوس بموقع يوتوب، إلا ان كل ما ينشر من طرفهم لا يمكن الاعتداد به ونشره كمادة إخبارية في المواقع الالكترونية التي تدعي المهنية والانتماء للجسم الصحافي، لان هناك فرق كبير بين ان تكون صحفيا مهنيا او شخصا موهوبا في صناعة "البوز" بشتى الطرق على مواقع التواصل الاجتماعي..
الشريط المفبرك الذي خلق "البوز" على مواقع التواصل الاجتماعي ونشرته بعض المواقع الالكترونية التي تدعي المهنية