ينص الفصل 31 من الدستور على أن " الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعمل ، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة، من الحق في : - العلاج والعناية الصحية. - الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة"، واستكمالا للتنزيل الحقيقي لبنود الدستور، وليس التنزيل الكرنفالي الاحتفالي الذي دأب عليه بعض الوزراء، تم إطلاق خدمة "راميد"، التي تهدف إلى تمكين الفئات المعوزة من الولوج إلى الخدمات الطبية. ولقد أشرف جلالة الملك محمد السادس٬ يوم أمس الاثنين بالدار البيضاء٬ على إعطاء الانطلاق الرسمي لنظام المساعدة الطبية (راميد)٬ الذي يستفيد منه نحو 5،8 مليون نسمة من الفئات الاجتماعية المعوزة. وبهذه المناسبة٬ قام جلالة الملك بزيارة كل من المركز الصحي الحضري بالعنق٬ والمركز الاستشفائي الجهوي "مولاي يوسف"٬ والمركز الاستشفائي الجامعي "ابن رشد"٬ حيث وقف على ظروف استقبال وعلاجات واستشفاء الأشخاص المستفيدين من نظام المساعدة الطبية. وتعكس هذه الزيارة٬ حرص جلالة الملك٬ على المتابعة الميدانية لتطبيق هذا النظام العمومي القائم على مبدئي المساعدة الاجتماعية والتضامن الوطني والرامي إلى تحسين ظروف عيش وصحة آلاف المواطنين. وتمثل الخدمات التي يستفيد منها المنخرطون في نظام المساعدة الطبية، تلك التي تقدم في إطار نظام التأمين الإجباري عن المرض. ويتوزع المستفيدون من هذا النظام ما بين ساكنة يقدر عددها ب 4 ملايين شخص يعيشون في وضعية الفقر القصوى ويستفيدون من المجانية الكاملة للعلاجات٬ وذلك حسب معايير الاستفادة المعتمدة٬ في حين سيستفيد منه نحو 160 ألف شخص بحكم القانون٬ ويتعلق الأمر بنزلاء المؤسسات السجنية والأشخاص الذين لا يتوفرون على سكن قار ونزلاء المؤسسات الخيرية ودور الأيام والملاجئ. في المقابل٬ سيستفيد 5،4 ملايين شخص في وضعية الهشاشة من المجانية الجزئية٬ حيث سيؤدون مبلغا جزافيا سنويا حدد في 120 درهم للفرد على ألا يتعدى سقف 600 درهم للأسرة الواحدة. وباعتباره أحد الأوراش الهامة التي فتحت في عهد جلالة الملك محمد السادس ٬ إلى جانب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية٬ سيمكن نظام المساعدة الطبية (راميد) من دمقرطة الولوج للعلاجات الطبية وتوفير ظروف العيش الكريم للمواطنين.
الثورة الاجتماعية
يشكل مشروع المساعدة الطبية الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس ثورة حقيقية في مجال توفير العلاج للفئات ذوي الدخل المحدود حيث سيصل عدد المستفيدين من العلاجات الطبية المجانية ما يقارب 8 ملايين شخص، لا يتوفرون على أي نوع من أنواع المساعدة الطبية، ويعتبر المشروع واحدا من المبادرات الملكية الرائدة التي ميزت عهد جلالة الملك محمد السادس بدءا بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية مرورا بمشروع السكن الإجتماعي وانتهاء بمشروع راميد الذي يعتبر نظاما متطورا للمساعدة الطبية عبر العالم، وهي كلها مبادرات موجهة إلى الفئات المعوزة والتي تعاني نوعا من الهشاشة. ويرتكز نظام المساعدة الطبية الموجه لذوي الدخل المحدود وفق الفلسفة الملكية٬ على التضامن الوطني٬ وحق المواطنين وواجب على الدولة التي قررت تحمل تكاليف علاج ثلث المغاربة الذين يجدون صعوبة بالغة في توفير وسائل العلاج داخل المستشفيات، خصوصا أن نصف عدد المستفيدين المستهدفين يعيشون في فقر مطلق وأن النصف الآخر يعاني من فقر نسبي أو من الهشاشة ويصعب عليهم توفير ثمن العلاج. ولأن مشروع راميد هو نظام متكامل، فإنه سيشمل الرعاية الطبية بشكل كامل بما فيها عمليات الوقاية وصولا إلى الاستشفاء والجراحة٬ كما أن هذا النظام يروم أيضا تسهيل الحصول على الأدوية، مع التكفل التام بالأمراض المزمنة على غرار نقل المرضى بين المستشفيات بواسطة سيارة إسعاف إضافة إلى علاج الأسنان.
البديل الممكن
المشروع كما تم تقديمه هو بديل حقيقي للتغطية الصحية، حيث سيمكن والحالة هذه من تبني سياسة اجتماعية متطورة في المجال الصحي وفق منظومة شمولية تضمن ليس فقط العلاج ولكن أيضا الحصول على الأدوية، وولوج المستشفيات في إطار من الكرامة وبشروط إنسانية، كل هذه العمليات سيتم الاستفادة منها مقابل الإدلاء ببطاقة النظام صالحة لكافة أفراد الأسرة٬ وصادرة من قبل السلطات المحلية لمدة ثلاث سنوات٬ في إطار احترام تام لكرامة المواطن وإنسانيته. إن المشروع كما أراد له جلالة الملك محمد السادس هو نوع من إعادة الاعتبار للفئات المعوزة التي كانت تجد صعوبة في تلقي العلاج داخل المستشفيات لعدم توفرها على المال الكافي، وهو ما كان يخلق نوعا من الفوارق الطبية، بين فئات تتوفر على كل سبل العلاج وفئات أخرى محرومة من هذا الحق، وحتى إذا توفرت لها شروط العلاج فإنها تكون جد محدودة، ووفق شروط حاطة من الكرامة. وستواكب عملية انطلاق العمل بهذا النظام إطلاق مستعجلات القرب بالمغرب لأول مرة٬ من خلال تخصيص 80 وحدة لانطلاق هذه العملية٬ إلى جانب العمل على تعزيز الترسانة القانونية وكذا الموارد البشرية، التي يمكنها أن تواكب المشروع وتعمل على إنجاحه وفق منظور جلالة الملك، الذي أراد أن يكون راميد مشروع مجتمعيا بامتياز، خصوصا أن هناك اتجاه عام لوضع طرق جديدة للتمويل بهدف إرساء هذا النظام بشكل دائم ومتكامل، ويوفر للمواطنين فرصة العلاج وبأقل تكلفة. ولأن أي مشروع من هذا الحجم يحتاج إلى إمكانيات مالية ولوجيستية فقد عملت الدولة وبتعليمات من جلالة الملك على تجنيد كامل الطاقات والإمكانيات لمواجهة ارتفاع الطلب، حيث ستهم المرحلة الثانية، تعزيز المكتسبات وإعادة تأهيل جميع المستشفيات التي ستوفر العلاجات٬ أما المرحلة الثالثة والتي ستدخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير 2013 ستعمل على توطيد هذا النظام بشكل متجانس مع البرنامج الحكومي وإستراتيجية وزارة الصحة 2012- 2016 .
مراحل الاستشفاء
وفق شروط راميد فإن حاملي بطاقة نظام المساعدة الطبية لذوي الدخل المحدود ملزمون بالمرور عبر المراكز الصحية٬ وستخول للطبيب العام بها وحده صلاحية إيفادهم إلى المستشفى الجهوي أو الإقليمي أو إلى المراكز الجامعية الاستشفائية٬ كما أن النظام يتضمن العلاجات المتوفرة بالمستشفيات وليس جميع أنواع العلاجات. وكان جلالة الملك محمد السادس، ترأس بالدار البيضاء٬ مراسم انطلاقة عملية تعميم نظام المساعدة الطبية (راميد)٬ الذي تستفيد منه الفئات الاجتماعية المعوزة. ويمثل نظام المساعدة الطبية أحد الأوراش الكبرى التي تهدف إلى تحسين الولوج إلى العلاج وذلك تكريسا لمقتضيات الدستور٬ كما أن هذا النظام الذي تستفيد منه الشرائح الاجتماعية ذات الدخل المحدود يعد أحد أهم الأنظمة في مجال التغطية الصحية الأساسية إلى جانب التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وإلى جانب كل هذا فإن راميد يعتبر نظاما عموميا٬ يقوم على أسس التكافل٬ ويستهدف فئات محددة٬ ويرتكز على المؤسسات الصحية العمومية. وكان هذا النظام قد انطلق العمل به في نونبر 2008 في إطار تجربة نموذجية شملت جهة تادلة -أزيلال٬ ليتم تعميمه اليوم حتى يشمل 5،8 مليون نسمة من الفئات الاجتماعية المعوزة وهو ما يعادل 28 بالمائة من عدد السكان. ويتوزع المستفيدون ما بين فئة الساكنة في وضعية الفقر ( 4 مليون شخص ) وفئة الساكنة في وضعية الهشاشة ( 4.5 مليون شخص )٬ كما يستفيد منه نحو 160 ألف شخص بحكم القانون ويتعلق الأمر بنزلاء المؤسسات السجنية والأشخاص الذين لا يتوفرون على سكن قار ونزلاء المؤسسات الخيرية ودور الأيام والملاجئ. وفي إطار العرض الصحي٬ تضع الدولة لفائدة المستفيدين من نظام المساعدة الطبية 2581 مؤسسة للعلاجات الصحية الأساسية من بينها 2030 مركز صحي٬ إضافة إلى 111 مستشفى محليا وإقليميا و12 مستشفى جهويا و19 مستشفى جامعيا. وهكذا يستفيد المسجلون في إطار هذا النظام من تجهيزات خاصة بمستعجلات القرب والتي ستتعزز بإحداث 80 وحدة طبية مجهزة ومسلك العلاجات (2030 مركز صحي)٬ وقوافل طبية متخصصة بالأقاليم وتنظيم استشارة طبية أسبوعية قارة لمرضى السكري وارتفاع الضغط الدموي٬ إلى جانب الرفع من عدد الوحدات الطبية المتنقلة ليصل إلى 602 وحدة متنقلة و19 وحدة متنقلة لطب الأسنان.
نوع الخدمات تشمل الخدمات الموفرة٬ من خلال (راميد) دعم وحدات المساعدة الطبية للإنقاذ لفائدة النساء الواضعات والمواليد الجدد بالوسط القروي٬ وتوسيع القائمة الوطنية للأدوية والرفع من الاعتمادات المالية المخصصة لاقتناء الأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية. كما تشمل الإجراءات والتدابير التي تم اتخاذها في إطار هذا النظام٬ أنسنة المرافق الصحية من خلال إحداث شباك خاص لنظام المساعدة الطبية داخل المستشفيات ونشر ميثاق المريض بالمستشفى وتنظيم المواعيد الخاصة بالاستشارات الطبية المتخصصة ودعم وحدات المساعدة الاجتماعية لتسهيل ولوج المستفيدين من نظام الخدمات الطبية. كما أن هذا النظام سيمكن من التكفل بالأمراض المزمنة والمكلفة ومراعاة مسلك العلاجات وتوفير الأدوية بالمؤسسات الصحية العمومية. ويحصل المستفيدون من هذا النظام على التغطية الصحية دون أي تمييز على مستوى السن أو الجنس أو المرض أو مناطق السكنى٬ وهكذا يستفيدون من العلاجات الصحية التي توفرها المستشفيات العمومية والمؤسسات العمومية الصحية والمصالح الصحية التابعة للدولة.
ويستفيد الأشخاص الموجودون في وضعية الفقر من نظام المساعدة الطبية بالمجان فيما يتعين على فئة الأشخاص الموجودين في وضعية الهشاشة٬ أداء مبلغ جزافي سنوي حدد في 120 درهم للفرد دون أن يتعدى سقف 600 درهم للأسرة الواحدة. وتماثل الخدمات التي يستفيد منها المنخرطون في نظام المساعدة الطبية٬ تلك التي تقدم في إطار نظام التأمين الإجباري عن المرض٬ وتشمل الاستشفاء والولادة والاستشارات التخصصية الخارجية والمستعجلات والفحوصات المخبرية والفحوصات بالأشعة. كما تشمل الكشف الوظيفي والنقل الصحي بين المستشفيات في حالة الاستعجال والعلاج الوظيفي. ويتم العمل بنظام المساعدة الطبية وفق شراكات بين القطاعين الخاص والعام ولاسيما في الجهات التي تفتقر لبعض البنيات التحتية العمومية أو في ما يتعلق بالتخصصات التي تعرف إقبالا متزايدا من المرضى. من أجل تحميل الاستمارة اضغط اسفله