يشكل مشروع حكومة الأقلية بالسويد الساعي إلى الاعتراف بالجمهورية الصحراوية الوهمية مثار غضب وإدانة في صفوف ضحايا القمع والتعذيب في زنازين "البوليساريو"، على التراب الجزائري، لأن استوكهولم، وبكل بساطة، اختارت الوقوف في صف جلاديهم. والحديث هنا عن الغضب والإدانة راجع لكون هذا المسعى السويدي غير اللائق يمنح، وبشكل صارخ، شيكا على بياض لجلادي الحركة الانفصالية، لمواصلة ممارساتهم اللاإنسانية وانتهاكاتهم الخطيرة في حق السكان المحتجزين في عرض الصحراء بمخيمات العار بتندوف جنوب شرق الجزائر.
إن المشروع السويدي المذكور يبعث على الغضب والإدانة لأنه، وفي هذا الوقت بالضبط، ما زال العديد من الضحايا، من قبيل الكوري وحمدي البو، وشباب آخرين، يرزحون في سجن الرابوني والدهيبية اللذين أحدثتهما ميليشيات البوليساريو من أجل قمع وإخراس كل الأصوات المعارضة، وذلك بتواطئ مع السلطات الجزائرية.
فهل يعي رئيس الحكومة السويدية، وهو يسعى إلى الاعتراف بكيان "البوليساريو" الوهمي، حجم الخطإ الذي سيرتكبه في حق عائلات ضحايا التعذيب والاختفاء القسري والاحتجاز غير القانوني والتجاوزات الخطيرة التي ترتكب في مخيمات تندوف، والانتهاكات التي نددت بها، في مناسبة عدة، المنظمات الدولية لحقوق الإنسان.
هل فكر رئيس الحكومة السويدية فعلا في كل هؤلاء الشباب والنساء والرجال الصحراويين الذين سئموا من هذه الوضعية التي لا تخدم سوى قيادة "البوليساريو".
ألم تتناه إلى سمع رئيس الحكومة السويدية شهادات ضحايا التعذيب في مخيمات تندوف، على غرار السعداني ماء العينين، والداهي أكاي، ونجام علال والكبش محمد نافع، والخرشي لحبيب والشويعر محمد مولود وآخرين غيرهم من الذين شعروا، ومن دون شك، بالصدمة والغضب لهذا السلوك السويدي على اعتبار أنه يؤيد جلادي البوليساريو في الوقت الذي تتم فيه متابعتهم أمام القضاء بتهم التعذيب بناء على شكاوى تقدم بها الضحايا المغاربة الصحراويون.
إن المشروع السويدي الساعي إلى الاعتراف ب "البوليساريو" مؤلم وغير محتمل أيضا بالنسبة لدعاة السلام والمدافعين عن حقوق الإنسان لأنه يتجاهل كل الجهود التي يبذلها العديد من المناضلين الصحراويين من قبيل أحمد خر، وأحمد التروزي، والحسين بيضا، الذين يجوبون العالم اليوم لفضح الممارسات المهينة التي يرتكبها قادة الانفصاليين في حق الصحراويين منذ عقود بمخيمات العار.
إن هذا الخطأ السويدي الفادح، لا يمكن بالتالي إلا أن يثير الغضب والسخط لأن العديد من الضحايا ما زالوا يحملون الآثار والندوب النفسية والجسدية، للقمع الذي تعرضوا له في زنازين "البوليساريو"، ويحدوهم أمل في أن يمثل جلادو الانفصاليين أمام المحاكم الدولية ليؤدوا ثمن جرائمهم.
إنه يثير الغضب والسخط أيضا لأنه يشكل في حد ذاته إهانة للنموذج الديمقراطي بهذا البلد الأوروبي الذي يبدو أنه يريد غض الطرف عن كل أشكال المعاناة التي تجرعها الصحراويون بمخيمات العار، ويؤيد أطروحات "البوليساريو" على حساب الضحايا.
وأخيرا، فإن هذه المبادرة السويدية غير المرحب بها تشكل فضيحة وصدمة لأن القمع الذي تمارسه ميليشيات (البوليساريو) ما فتئ يتنامى ضد الناشطين الحقوقيين والفاعلين السياسيين الذين لا يتقاسمون الأفكار نفسها مع قيادة مخيمات تندوف.
وإذا كان الموقف السويدي يثير غضب وسخط وإدانة الجميع، فإنه في المقابل لن يمس عزم الشعب المغربي على الدفاع عن وحدته الترابية على أساس مقترح الحكم الذاتي باعتباره حلا واقعيا مجمعا على جديته ومصداقيته على الصعيد الدولي.