تأتي زيارة الصداقة والعمل الرسمية التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يومي 19 و20 شتنبر الجاري للمغرب، بدعوة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، لتؤكد قوة ومتانة الشراكة الاقتصادية الاستثنائية التي تربط بين المملكة المغربية وفرنسا، وإرادتهما المشتركة، في تعزيزها أكثر من اجل رفع تحديات القرن الحادي والعشرين. ويعمل المغرب وفرنسا، البلدان القويان بتاريخهما ومصيرهما المشترك، واللذان يحذوهما طموح التجديد بشكل دائم، على تمتين تشبثهما بغنى روابط وقوة صداقتهما، والنهوض بحيوية تعاونهما، على كافة المستويات وخاصة الاقتصادية.
وبالفعل، فقد تجسدت إرادة البلدين في إعطاء دينامية جديدة لعلاقاتهما الثنائية المتجذرة في التاريخ، خلال اللقاء الذي جرى في فبراير الماضي بباريس بين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند.
وأعطى هذا اللقاء بين قائدي البلدين، والذي شكل دليلا دامغا، على كثافة ومتانة ومرونة علاقات مستمرة، تشمل مختلف المجالات، والتي تصمد امام اية صعوبات أو سوء فهم، دينامية جديدة للتعاون الوثيق والطموح بين المغرب وفرنسا ، خاصة في الميدان الاقتصادي.
وشكل لقاء القمة هذا الذي تلاه انعقاد الاجتماع الثاني عشر المغربي الفرنسي رفيع المستوى في ماي الماضي، فرصة لإعطاء دفعة جديدة للعلاقات المغربية الفرنسية، التي تتميز بكثافتها على الصعيد الاقتصادي، كما تشهد على ذلك العديد من المشاريع المشتركة التي تم اطلاقها ، والحضور القوي للمقاولات الفرنسية بالمملكة.
ويجسد مصنع "رونو" بطنجة الذي مكن من جعل صناعة السيارات، نقطة قوة الصناعة المغربية، أو مشروع الخط السككي فائق السرعة الذي يوجد في مراحل متقدمة، بشكل تام الشراكة الاقتصادية المثالية، المدعوة لان تتعزز اكثر لفائدة التوجه الافريقي لمقاولات البلدين.
كما تجسدت الثقة التي يضعها الفاعلون الاقتصاديون الفرنسيون في المملكة ، مرة أخرى بالتوقيع مؤخرا على اتفاق لاستقرار مصنع فرنسي ثان في مجال السيارات بالمغرب، ويتعلق الامر ب(بي إي أ . بوجو- سيتروين)، وهي الثقة التي مكنت من جعل صناعة السيارات ، اول قطاع مصدر بالمغرب سنة 2014 .
ويعكس استقرار المصنع الفرنسي الجديد بالمغرب، الطموح المشترك لمواصلة تعزيز شراكتهما، من خلال تطوير مشاريع مشتركة في القطاعات ذات المستقبل الواعد، ومنها النقل والطاقات المتجددة، والقطاع الرقمي والسياحة، في اتجاه الاسواق الصاعدة بالمنطقة وخاصة افريقيا .
وفي هذا السياق فإن فرنسا مدعوة لانتهاز فرصة حضور مقاولات مغربية، بعدد من القطاعات بإفريقيا، من أجل تطوير تعاون ثلاثي ،يعود بالنفع والربح على الجميع.
وكان البلدان اللذان عبرا عن ارتياحهما لدينامية الشراكة الاقتصادية الثنائية ،قد اتفقا في البيان الختامي الذي توج اشغال الاجتماع الفرنسي المغربي الثاني عشر رفيع المستوى، على مواصلة التقارب بين الفاعلين بالبلدين، خاصة وأن فرنسا تظل الشريك الاقتصادي الاول للمغرب.
يجدر التذكير من ناحية اخرى بالدعم المالي الهام الذي تقدمه الوكالة الفرنسية للتنمية لفائدة عدد من مشاريع التنمية الاقتصادية بالمملكة، حيث التزم البلدان خلال الاجتماع رفيع المستوى ، بالنهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة، والتعاون الصناعي، خاصة من خلال اعتماد خط ائتمان لفائدة هذه المقاولات المغربية من اجل اقتناء ممتلكات وخدمات فرنسية في حدود 25 مليون يورو.
وفي قطاع النقل التزمت فرنسا بمبلغ 65 مليون يورو من اجل توسيع شبكة الترامواي بالدار البيضاء، وتعزيز التعاون في المجال التقني السككي.
ويشمل التعاون الاقتصادي الثنائي ايضا، القطاع الفلاحي ، من خلال مصاحبة فرنسا لمخطط المغرب الاخضر ،عبر التوقيع خلال الاجتماع رفيع المستوى ،على اتفاقية قرض غير سيادي بقيمة 20 مليون يورو بين الوكالة الفرنسية للتنمية، وشركة التمويل من اجل التنمية الفلاحية (برنامج تمويل الفلاح) فرع مؤسسة القرض الفلاحي بالمغرب.
وفي ما يتعلق بالقطاع السياحي، تساهم فرنسا أساسا بقرض غير سيادي بمبلغ 20 مليون يورو في تمويل محطة للسياحة المستدامة بمنطقة اكادير.
من جهة أخرى لا يخفي المغرب وفرنسا رغبتهما في تحفيز الفاعلين الاقتصاديين في اطار قطب التنافسية الاقتصادية،على مواصلة تعاونهم، ومن خلال دراسة أشكال مواصلة النهوض بالعلاقات التجارية الفرنسية المغربية ، وتطوير الاستثمارات بالبلدين .
ومما لا شك فيه أن لقاء القمة بين صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بطنجة، سيعطي ، دفعة جديدة لهذه الشراكة الاقتصادية الاستثنائية، المدعوة لان تشكل نموذجا لبلدان الحوض المتوسطي.