يعتزم المغرب واليونان تعزيز علاقاتهما في المجالين الثقافي والفني من خلال تكثيف الأنشطة المشتركة والزيارات والمشاركة في الفعاليات الثقافية في البلدين وذلك بعد المشاركة المغربية الناجحة في الدورة ال 44 لمهرجان الاولامب الذي احتضنته مدينة ديون الاثرية من منتصف يوليوز الى متم غشت الماضي. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء قالت صوفيا مافريدو نائبة حاكم جهة بيريا (شمال شرق)، إنها بصدد برمجة زيارة للمغرب على رأس وفد من الجهة لبحث امكانيات وفرص التعاون بين الاقليم وجهات مشابهة في المغرب والالتقاء بالفاعلين الاقتصاديين والسياحيين، معربة عن يقينها من إمكانية إقامة علاقات شراكة وتعاون وثيقة تعود بالنفع على البلدين.
وقالت "كان شرفا عظيما لجهة بيريا أن تستقبل المغرب ضيف شرف خلال الدورة ال 44 لمهرجان الاولامب العريق. لقد كان المواطنون سعداء للتعرف عن قرب عن ثقافة وفنون المغرب ومناسبة لالقتاء ثقافتين متوسطيتين غنيتين، وخلق مزيد من جسور التعاون من خلال المعارض والعروض الفنية واللقاءات الفكرية المنظمة.
وأضافت أن بيريا كانت لها فرصة الالتقاء بالمغرب البلد العريق الواقع في مفترق طرق الحضارات وملامسة بعض من ثقافته الغنية كبلد متوسطي شمال إفريقي، مبرزة أن البلدين ربطتهما على الدوام علاقات عريقة.
وأشارت الى أن لليونان والمغرب الكثير من المقومات والقيم المشتركة ليس فقط من حيث الثقافة والحضارة، بل في مختلف المجالات، بل إن هناك تشابها بين البلدين من حيث الأنشطة الاقتصادية ففي إقليم بيريا يتركز النشاط الاقتصادي على الزراعة والسياحة على مدار العام بحكم أن المنطقة يوجد بها شريط ساحلي من 70 كلم من الشواطئ وجبل الاولامب موطن الألهة ال12 في الاسطورة الإغريقية.
وأكدت أنه للبلدين مقومات اقتصادية متشابهة كفيلة بإبراز فرص التعاون المثمر بما أن القطاع الزراعي متطور في المغرب الذي يعتبر أيضا وجهة سياحية جذابة في المتوسط.
وبالنسبة لمدير مهرجان الأولامب غريغوريس باباكريستوس فاعتبر ان احتضان المغرب ضيف شرف كأول بلد عربي وإفريقي على مهرجان الأولامب السنوي ستفتح آفاقا للتعاون بين جهة بيريا والجهات المغربية في مجالات واعدة كالسياحة والتبادلات الثقافية.
وأضاف أنه لغاية الان كانت البلدان الشريكة للمهرجان بلدان أوربية ذات ثقافة شبية لثقافتنا لكن هذه السنة لاول مرة نستقبل ثقافة عربية افريقية وهي تجربة فريدة، غير أننا اكتشفنا أنه ليس ثمة خلافات كبيرة بل لدينا الكثير من الأمور المشتركة ثقافيا وفنيا ربما لكوننا نتقاسم المتوسط هذا الفضاء الشاسع للعيش المشتركة حيث تتلاقح وتتفاعل ثقافتانا منذ القدم.
ومضى قائلا "والان بدأنا بعد المهرجان تعاونا وشراكة جديدة فقد كان هناك نقاش واسع حول المغرب وثقافته في جهتنا خلال الاسابيع الأخيرة سواء بفضل التغطية الاعلامية للمهرجان أو المشاركة المكثفة في فقراته الفنية ومعارضه وبالتالي يتعين الشروع قريبا في تبادلات وتعاون في مجالات مختلفة.
وقال إننا حريصون على استكمال هذا التعاون والقدوم قريبا للمغرب للاطلاع على ثقافته، والمشاركة في الفعاليات الثقافية المتنوعة التي تنظم سنويا في المغرب ونعتبر أن هذه فرصة ثمينة لاطلاق تعاوننا نحو آفاق أرحب.
وبالنسبة لسفير المغرب في أثينا عبد القادر الأنصاري فإن هذه المشاركة هي جزء من برنامج واسع للإشعاع الثقافي المغربي في اليونان تنضاف الى الندوتين الفكريتين المنظمتين خلال السنة الجارية بتعاون مع السفارة المغربية وجامعتي أثينا ومقدونيا بمدينة ثيسالونيكي ثاني كبريات المدن اليونانية في الشمال، مضيفا أنه سيتم خلال الاشهر المقبلة تنظيم أسبوع ثقافي مغربي في أثينا وأنشطة ثقافية أخرى.
وتقدم بالشكر لجميع المسؤولين في إقليم بيريا على مساهمتهم في إنجاح هذه التظاهرة الهامة بشكل بديع، معربا عن اعتقاده بأن هذه الجهة تمكنت على مدار عدة أسابيع من الاطلاع على الثقافة والحضارة المغربية العريقة كما لامس الجمهور الحاضر أن المغرب متشبع أيضا بالحضارة اليونانية.
ومن جهتها ذكرت فاطمة ايت محند المسؤولة عن التعاون الدولي بوزارة الثقافة أنه بالنظر للاهتمام المتزايد للجمهور اليوناني بالثقافة المغربية من المتوقع تعزيز هذه المبادلات من خلال توجيه الدعوة لفرق فنية يونانية لزيارة المغرب ثم تنظيم أيام ثقافية مغربية في أثينا وأيام ثقافية يونانية في المغرب.
وأشارت الى أن مشاركة وزارة الثقافة في المهرجان كانت فرصة للتعريف بالثقافة المغربية في اليونان والتي لا تعرف فيه الثقافة المغربية بشكل واسع وفي جهة هامة في منطقة البلقان وهي بيريا التي تحتضن سنويا مهرجان الاولامب الثقافي الهام.
وأضافت أن المشاركة المغربية في مهرجان الأولامب مثلت فرصة لابراز مقومات الحضارة المتوسطية المشتركة، كما قدمنا لمستنا الثقافية من خلال الفرق الموسيقية الاصيلة التي غنت في مسرح ديون الاثري وأيضا معرض الصناعة التقليدية والحرف اليدوية.
وأشارت الى أنه تم تنظيم ندوة ثقافية هامة تناولت التفاعلات التاريخية بين المغرب واليونان منذ الازمنة الغابرة، كما كانت فرصة لابراز مؤهلات المطبخ المغربي في اليونان خصوصا وأن هناك أوجها مشتركة بحيث يعتبر المطبخان من أفضل أنظمة الاكل والحمية في العالم.
وقالت إن هذا الأمر بالغ الأهمية لان المغرب الى جانب اليونان واسبانيا وايطاليا تمكن من تسجيل المطبخ المتوسطي ضمن قائمة التراث المادي لليونيسكو لكونه مطبخ صحي يعتمد على زيت الزيتون والاسماك الطازجة والمشويات والكثير من الخضروات والفواكه.
يذكر أنه على مدى أكثر من أربعين يوما حضر المغرب بأوجهه الثقافية والفنية المتنوعة ضيف شرف على مهرجان الأولامب اليوناني العريق المنظم سنويا في مدينة ديون الاثرية التي تعود للعام 220 قبل الميلاد.
ولأول مرة شارك المغرب بقوة وكثافة في مهرجان ثقافي وفني من هذا الحجم في منطقة البلقان، ما شكل مناسبة للتفاعل الثقافي والفني والتعريف بالمؤهلات الثقافية والسياحية للمغرب سواء من حيث اللقاءات الفكرية أو العروض السينمائية والفنية والموسيقية او معارض الطوابع والصناعة التقليدية والفنون اليدوية.
فضمن فعاليات هذا المهرجان نشط الجامعي عبد الواحد بناصر لقاء فكريا حول موضوع "المغرب واليونان علاقات تاريخية عريقة" كما أقيم معرض للطوابع البريدية وعرض مفتوح لمنتوجات الصناعة التقليدية المغربية والفنون الحرفية.
وعرضت أربعة أفلام مغربية في مسرح الهواء الطلق بمدينة كاتيريني المركز الحضري الذي يبعد عن مدينة ديون الاثرية بنحو 10 كيلمترات هي "في انتظار بازوليني" لداوود أولاد السيد ، و"وداعا كارمن" للمخرج محمد أمين بنعمراوي "الأندلس مونامور" لمحمد نظيف و "ماجد" "لنسيم عباسي.
وتم أيضا عرض شريط وثائقي حول المغرب والمناطق السياحية التي يزخر بها.
ومن جهة أخرى أقيمت ورشة للخط العربي على مدى ثلاثة أيام نشطها الخطاط فيصل نصيري، قبل أن يختتم المهرجان فعالياته بعرضين فنيين لفرقتي عبيدات الرمى وزايدة بنسليمان وكناوة برئاسة المعلم ماجيد بيقاس احتضنهما المسرح الاثري لمدينة ديون.