هذا الخبر سيصيب حوقيينا، الذين يتباهون بفرنسا الحريات، بالدوار ولن يصدقوه اول وهلة، وسيعقبون عليه لامحالة ومنهم من سيصبّ جام غضبه عليها، لكن بلاد التي ترفع شعار "الحرية، الأخوة، العدالة" استفاقت مؤخرا من غفلتها وقررت الدفاع عن أمنها وأمن مواطنيها في مواجهة الارهاب، وذلك عبر التنفكير في تعزيز صلاحيات اجهزة الاستخبارات الفرنسية.. وفي هذا الاطار تناقش الجمعية الوطنية الفرنسية، اليوم الاثنين، مشروع قانون تدينه منظمات الدفاع عن الحريات ويهدف الى تعزيز صلاحيات اجهزة الاستخبارات الفرنسية، وذلك بعد اشهر من الهجمات التي شهدتها باريس وسقط فيها قتلى.
وبين النقاط الاكثر حساسية في المشروع، تقول وكالة فرانس بريس التي اوردت الخبر، إمكانية التجسس على اتصالات الهواتف النقالة ومراقبة الانترنت.
ويحدد المشروع، تضيف ذات الوكالة، مهام الاجهزة (الداخلية والخارجية والعسكرية والجمركية...) بدءا "بالوقاية من الارهاب" الى "الدفاع عن المصالح الاقتصادية والصناعية والعلمية الكبرى لفرنسا وتشجعيها".
وقالت الوكالة ان سبب إعداد هذا النص، الذي تقررت صياغته منذ يوليو 2014، هو ان فرنسا هي "الديموقراطية الغربية الوحيدة" التي لا تملك اطارا قانونيا لسياستها للاستخبارات مما يجعل وضع رجالها غير واضح ويضعهم تحت رحمة ادانات المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان، حسب ما قاله مقرر النص جان جاك اورفواس، النائب عن الحزب الاشتراكي الفرنسي..
ويتضمن النص تقنيات مراقبة أي شخص مستهدف، وكذا محيطه، ونظام السماح بهذه الاجراءات تحت اشراف سلطة ادارية مستقلة جديدة.
وتشمل التقنيات، تقول ذات الوكالة، التنصت وتحديد مكان الشخص ووضع مايكروفزنات وكاميرات او برامج الكترونية للتجسس والحصول على معطيات الاتصالات وغيرها... أما نظام السماح بها، تضيف الوكالة، فيتلق بالهدف والمدة وامكانية الاحتفاظ بالمعطيات او اتلافها.
ومن المحتمل جدا ان يتم تبني النص من طرف الجمعية الوطنية، حيث انه يحوز دعم الحزب المعارض الاتحاد من اجل حركة شعبية وذلك باسم الوحدة ضد الارهاب..
لكن النص لا يلقى توافقا اذ ان بعض البرلمانيين بما في ذلك داخل الاغلبية الاشتراكية يخشون ان تتحقق، بفضل هذه التعديلات، مخاوف المنظمات غير الحكومية والنقابات ومستخدمي الانترنت من صلاحيات "مفرطة" لهذه الاجهزة.
وافاد استطلاع للرأي اجراه معهد اتلانتيكو ان 63 بالمائة من الفرنسيين "يؤيدون الحد من حرياتهم الفردية على الانترنت باسم مكافحة الارهاب".
وسيقدم رئيس الوزراء مانويلفالس بنفسه المشروع بعد ظهر اليوم في البرلمان، وذلك في مؤشر على الاهمية التي توليها السلطة التنفيذية لهذا الموضوع منذ اعتداءات يناير التي اسفرت عن سقوط 17 قتيلا..
إلى ذلك دعت عدة منظمات الى التظاهر امام الجمعية الوطنية بعد ظهر اليوم، فيما ستنتهي المناقشات بعد ظهر الخميس لكن التصويت لن يجري الا في الخامس من ماي، وذلك قبل اسبوعين من العطلة البرلمانية...