لم يجد انفصاليو البوليزاريو غير سياسة الهروب إلى الامام، وذلك عبر اختلاق الاكاذيب والترهات، لمواجهة الفضيحة التي اعلن عنها تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال، الذي أنجز سنة 2007 وتم الكشف عن مضمونه إثر تدخل للوسيط الأوروبي مؤخرا، حيث كشف وجود العديد من الممارسات الاحتيالية وحالات الغش في توزيع هذه المساعدات طوال سنوات عديدة، من طرف مسؤولي البوليزاريو وحكام الجزائر.. وفي الوقت الذي ارتفعت فيه اصوات المنظمات الوطنية والدولية مطالبة البرلمان الاوروبي بالتدخل لدى المفوضية الأوروبية من أجل كشف هوية الأشخاص والهيئات التي تقوم منذ سنوات عديدة بتحويل المساعدات الإنسانية المخصصة لمخيمات تندوف، و إحالة المسؤولين عنها على القضاء، تأبى أبواق الانفصال إلا أن تواصل تجاهلها لما يقع وتقفز على هذا التقرير من خلال الزعم ان "هذا التقرير لا علاقة له مع الواقع ميدانيا.." !!
وفي هذا الاطار خرج علينا رئيس ما يسمى ب"الهلال الأحمر الصحراوي"، اليوم الثلاثاء، بتصريح لوكالة الانباء الجزائرية، أعاد فيه المتحدث مضمون الاسطوانة المشروخة التي لقنتها إياه اجهزة المخابرات الجزائرية التي صدمت بما ورد في التقرير..
رئيس مايسمى ب"الهلال الأحمر الصحراوي"، لم يستحي ولا اعتراه أدنى خجل وهو "يحذر" بكل وقاحة المجموعة الدولية مما اعتبره "المحاولات الهادفة إلى صرف المانحين عن تقديم المساعدات للاجئين الصحراويين بعد أن تمت مؤخرا إعادة إثارة تقرير أوروبي حول مساعدات إنسانية يعود تاريخها إلى 2007.."
واعتبر ذات المتحدث أن الهدف من إعادة إثارة هذا التقرير هو "صرف المانحين عن تقديم مساعداتهم للاجئين الصحراويين و تأزيم الوضع الإنساني بمخيمات اللاجئين الصحراويين"، ودعا المجموعة الدولية الى عدم "الوقوع في فخ التلاعبات و سوء النية" كذا !!!، مشيرا إلى ان "تصرفات أشخاص يعملون لصالح المغرب" هم من أثاروا هذا التقرير، حيث "لم يسبق للإتحاد الاوروبي وأن أشار إلى وجود تحويل مساعدات إنسانية عن وجهتها بمخيمات اللاجئين الصحراويين"، ناسيا او متناسيا ان التقرير هو من إعداد المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال وليس المغرب او أي منظمة تابعة له..
هذه الترهات التي أدلى بها المتحدث للوكالة الجزائرية، الحريصة جدا جدا على مصلحة المحتجزين، سيتضح المغزى منها وذلك في الآتي من كلامه الذي يكشف من خلاله ان الانفصاليين بدأوا يحسون بخطورة تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال، وهو ما اتضح من خلال قول رئيس ما يسمى ب"الهلال الاحمر الصحراوي" ان إثارة هذا التقرير "قد يزيد من معاناة اللاجئين و جعل الظروف المعيشية بمخيمات اللاجئين خطيرة بسبب نفاذ مخزونات المواد الغذائية".
إنه نفاذ مخزونات المواد الغذائية هو الذي يحرك الانفصاليين واسيادهم في الجزائر، ولا يهمهم في ذلك، كما قد يتوهم القارئ، الوضع المزري للمحتجزين ولا تأزم ظروفهم المعيشية بالمخيمات، بل كل ما يهمهم هو استمرار تدفق المساعدات الانسانية بدون حسيب ولا رقيب لكي يتلاعب بها المسؤولون عن طريق تحويلها أو تهريبها ليغنموا في الاخير بعائداتها ليبقى المحتجزون رهائن لديهم، لأنهم قنطرة يتم العبور من خلالها للسطو على المساعدات الدولية والاغتناء منها...
وليس بغريب ان يؤكد تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال أن ما يتم توزيعه من المساعدات الانسانية هو فقط ما يكفي لإبقاء ساكنة مخيمات تندوف على قيد الحياة، حيث أن ما يتبقى منها يتم بيعه في السوق السوداء لفائدة قادة "البوليساريو" بمباركة من السلطات الجزائرية..
ويتضح اليوم أكثر من أي وقت مضى ان الهدف من وراء رفض الجزائر والانفصاليين لعملية إحصاء ساكنة المخيمات، هو الحيلولة دون معرفة العدد الحقيقي للمحتجزين الذين تنفخ في أعدادهم الجزائر لكي يحضى الفاسدون بحصة كبيرة من المساعدات في غياب اي تقنين او تفتيش للعملية..
لقد كشف تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال، عن الاعيب الانفصاليين وتلاعباتهم بالمساعدات الانسانية للمنتظم الدولي الموجهة إلى المحتجزين بمخيمات العار، وآن الاوان لتفعيل آليات مراقبة مسار نقل المساعدات المخصصة لساكنة تندوف واتخاذ عقوبات في حق المسؤولين عن تحويلها من خلال تجميد أرصدتهم على مستوى الاتحاد الأوروبي ومنعهم من ولوج التراب الأوربي..
كما ان الوقت قد حان للضغط على الجزائر لتسمح بإحصاء ساكنة مخيمات تندوف وولوج المنظمات الإنسانية إلى هذه الغيتوهات لتتمكن من الاطلاع على وضع المحتجزين والتأكد من ان المساعدات توزع بالفعل على الساكنة المستهدفة وليس على عائلة المراكشي وزبانيته والمتنفذين في النظام الجزائري..