قال الصحفي الهندي، بوشبا كوروب، إن المغرب، بلاد التصوف والاستقرار في شمال غرب إفريقيا، والأمة الإسلامية التي توفق بين محيطها الإفريقي والتأثير الأوروبي، تمكن، بفضل عاهله المحبوب صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أن يوحد بين عالمين مختلفين، من دون تأثر بالاضطرابات السياسية التي أصابت المنطقة بعد أحداث "الربيع العربي". وأبرز كوروب، في مقال نشرته صحيفة (ذا إيجيان إيج) الهندية أول أمس الأحد، أن المغرب يزخر بجمال الطبيعة وتنوعها التي تجمع بين كثبان الصحراء ومحطات التزلج على الجليد والجبال المكسوة بالثلوج، هو كذلك "سحر مراكش" و"رواية الدارالبيضاء" و"الآثار الرومانية في وليلي"، ما يشكل عامل جذب لدى السياح من جميع أنحاء العالم.
وتحدث الصحفي الهندي، في مقاله، عن زيارة قام بها إلى المغرب، حيث استعرض المؤهلات السياحية والثقافية وتنوعها التي تزخر بها المملكة، من خلال تسليطه الضوء على أهم ما تتميز به عدد من المدن المغربية.
وفي هذا الصدد، عبر الكاتب عن إعجابه بمدينة مراكش التي تعتبر فضاء تطبعه الروحانية والسكينة، كما تحدث، باندهاش، عن الوجه الآخر للمدينة الذي يضج بالحيوية والنشاط، من خلال (ساحة جامع الفنا) بباعتها المتجولين ومروضي الثعابين والأسواق المتنوعة التي تعرض منتوجات متنوعة من قفاطين وحلي وزيت أركان.
وانتقل الكاتب إلى وصف رحلته إلى جبال الأطلس، مؤكدا أنه "من أجل مشاهدة عدد من المناظر السياحية الخلابة هناك، يتعين المرور من ممر جبلي وعر يدعى تيزي ن تيشكا"، مضيفا أن "صعوبة تلك التضاريس سرعان ما تتلاشى عندما يتوجه المرء إلى منطقة مرزوكة في تخوم الصحراء، للقيام بجولة على ظهر الجمال وسط كثبان الرمال الذهبية العالية".
وتحدث الكاتب عن قصبة آيت بن حدو، التي تثير اهتمام السائحين ليس فقط لقيمتها التاريخية التي تجعل منها وجهة سياحية، باعتبارها شاهدة على مرور القوافل التجارية القديمة المحملة بالذهب والعبيد والعاج والملح من إفريقيا جنوب الصحراء إلى أسواق مراكش، ولكن أيضا للعلاقات التي نسجتها مع هوليوود، إذ شهدت تصوير عدد من أشهر الأفلام العالمية مثل "لورنس العرب" و"حرب النجوم" و"غلادياتور".
من جهة أخرى، أشار كاتب المقال إلى أن محطته الأولى كانت من الدارالبيضاء، التي كانت في السابق ميناء استعماريا، وهي كذلك المدينة التي خلدتها سينما هوليود عام 1942. وهذه الشهرة العالمية تجعل السياح يتوجهون مباشرة نحو مقهى "ريك" الذي اشتهر من خلال النجمين السينمائيين إنغريد بيرغمان وهمفري بوغارت.
لكنه لفت الانتباه إلى أن "المقهى لم تكن موجودة زمن تصوير الفيلم، إذ تم إنشاؤها فقط خلال سنة 2004 من أجل إعادة سحر وذكريات سنوات الأربعينيات من القرن الماضي"، مضيفا أن "قائمة الطعام اللذيذ تشمل الكسكس والطاجين والشاي المنعنع الذي لا يقاوم، والذي يمكن الاستمتاع به على أنغام موسيقى زمان".
وفي المدينة ذاتها، أبدى الكاتب انبهاره بمسجد الحسن الثاني الذي يضم أطول مئذنة في العالم (689 قدما) لها شعاع من الليزر يضيء ليلا في اتجاه مكةالمكرمة، مشيرا إلى أن المسجد يعد "معلمة معمارية لا مثيل لها ذات طوابق من زجاج، لها سقف يفتح بشكل آلي فيكشف عن زرقة السماء الصافية".
وأضاف أن "المبنى يحتوي على حمامات تقليدية وثريات مصنوعة من زجاج المورانو، ما يتيح الاستمتاع بمشهد بصري خلاب، فضلا عن قيمته الروحية، كما أنه مفتوح أمام أتباع جميع الأديان. كنت محظوظا لأنني أخذت لمحة عامة عن تصميمه الداخلي المذهل".
وبخصوص مدينة الرباط، أشار الصحفي الهندي إلى أنها ليست فقط عاصمة المغرب، بل هي عبارة عن متحف أثري يضم مجموعة نادرة من التحف البرونزية الرومانية، التي تشكل وجهة لكل باحث أو مهتم بالكشف عن تلك الكنوز التاريخية التي تنتمي إلى حقب تاريخية قديمة.
على صعيد آخر، أشار الصحفي الهندي إلى أن مدينة طنجة اكتسبت شهرة كبيرة بالنظر إلى أنها مسقط رأس "أشهر مسافر في التاريخ"، الرحالة المغربي ابن بطوطة، الذي خرج في رحلة حج في القرن الرابع عشر الهجري، وعاد بعد مرور 24 سنة بعدما سافر إلى بلدان بعيدة مثل الصين، كما أنه "شغل منصب القضاء بدلهي لمدة ست سنوات في عهد السلطان محمد بن تغلق، إلى أن غادرها في اتجاه كولكاتا ومن ثم أبحر نحو سريلانكا".
وتحدث الكاتب عن مدينة فاس قائلا إنها لا تزال تحتفظ بنمطها التقليدي، لاسيما منطقة "فاس البالي"، التي تعد إحدى أكبر المدن العتيقة في العالم، حيث يقطنها نحو 150 ألف نسمة، مشيرا إلى أن المنطقة خالية من السيارات والحافلات، إذ يتم نقل البضائع والسلع على ظهر الدواب ومتن الدراجات النارية، كما أن السير على الأقدام يظل الطريقة الوحيدة لاستكشاف شوارعها الضيقة ومساجدها وأسواقها ومدارسها.
وأضاف الصحفي الهندي أن منظر أحواض الدباغة، بأصباغها وألوانها المتنوعة وروائحها النفاذة، يشكل مشهدا قل نظيره، يميز المغرب عن غيره من بلدان العالم.