تشكل الدورة الثانية للمنتدى العالمي لحقوق الانسان التي تفتتح مساء اليوم الخميس بالمدينة الحمراء، بدون شك، فضاء مفتوحا لتبادل الخبرات وأرضية رفيعة لتقاسم التجارب النوعية وإغناء النقاش حول مختلف القضايا ذات الصلة بحقوق الانسان في العالم. ويجمع هذا اللقاء الذي ينظم على مدى أربعة أيام، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ولأول مرة في بلد عربي وإفريقي ، أزيد من 5000 مشارك من 94 دولة تشمل مختلف الفاعلين في مجال حقوق الإنسان من حكومات ومنظمات غير حكومية وخبراء ومؤسسات وطنية لحقوق الإنسان وهيئات دولية ووكالات تابعة للأمم المتحدة وحاصلين على جائزة نوبل وسياسيين بارزين.
وسيتم خلال هذا المحفل الحقوقي العالمي، إطلاق عدة توصيات ومقترحات تهم تطوير منظومة الأممالمتحدة ذات الصلة بحقوق الانسان، وتعزيز التعاون الدولي وتقوية قدرات الفاعلين والمتدخلين في هذا المجال الحيوي، وتكريس أفضل الممارسات ، وتسليط الضوء على مختلف الاشكاليات والرهانات المستقبلية التي تعنى بقضايا حقوق الانسان في العالم.
وسيغتنم المدافعون عن حقوق الانسان حضورهم في هذا الموعد العالمي، للمضي قدما في تعزيز القيم الانسانية الأساسية، وإماطة اللثام عن كافة القضايا الحقوقية، وإثراء نقاش فاعل وحقيقي للمساهمة في النهوض بالقيم الكونية لحقوق الانسان على الصعيد الدولي، وايجاد السبل الكفيلة بتجاوز الإكراهات التي تواجه عمل المنظمات غير الحكومية المحلية التي تعنى بمجال حقوق الانسان.
وبالاضافة إلى ذلك، فإن برنامج المنتدى يشمل ما بين جلستي الافتتاح والاختتام، إقامة ما يقرب من 200 فضاء للنقاشات واللقاءات والتكوين بصيغ متنوعة، ومنتديات موضوعاتية تنظم بشكل مشترك من طرف منظمات غير حكومية مغربية ودولية، إلى جانب ورشات تكوينية، ولقاءات خاصة بمبادرة من مؤسسات مغربية بحضور نظيراتها الدولية ، وأنشطة داخلية وأنشطة مسيرة بشكل ذاتي.
وستحظى قضايا المساواة بين الجنسين والمناصفة بنقاش واسع خلال أشغال النسخة الثانية من المنتدى العالمي لحقوق الانسان وذلك من خلال تخصيص 12 منتدى للنساء.
كما يوجد في صلب مناقشات المنتدى قضايا حقوق الشباب، والأطفال، والمهاجرين، والأشخاص ذوي الإعاقة، بتنظيم أزيد من 50 نشاطا.
وبالموازاة مع أنشطة المنتدى، ستتم تعبئة جميع المؤسسات التعليمية بالمملكة، من خلال تخصيص لحظة تحسيسية اليوم الخميس حول حقوق الإنسان، فضلا عن إصدار طابع بريدي خاص بالمنتدى من قبل مؤسسة بريد المغرب.
وستتميز أشغال هذا المنتدى العالمي بتنظيم يوم خاص بفلسطين يوم 29 نونبر الجاري للاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
ومن بين المواضيع التي ستكون محط مناقشات رفيعة المستوى خلال هذا الموعد، ثمة على الخصوص "الولوج إلى العدالة وحقوق الإنسان" "ومظاهر التمييز وحقوق الإنسان" و"الحق في البيئة والعدالة المناخية" و"إلغاء عقوبة الإعدام، دينامية كونية" و"إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعدالة" و"تفاعل الدول مع آليات الأممالمتحدة للنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها".
كما تشمل قائمة المواضيع أيضا بحث مواضيع "التربية للجميع" و"التقاليد الدينية وحقوق الإنسان" و "من الخطاب إلى التفعيل: نحو تقييم التغيير 20 سنة بعد منتدى بكين" و"حقوق الإنسان والمقاولة" و"ديناميات الهجرة: ملتقى التجارب والآفاق" و"الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والبيئي: حقوق والتزامات الإنسان".
وسيتم عرض مخرجات هذه المناقشات خلال جلسة ختامية ينتظر أن تضم نشطاء المجتمع المدني وممثلي الحكومات والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وممثلين عن المنظومة الدولية لحماية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية وشخصيات ومؤسسات حقوقية دولية، لإسماع صوتهم والتفاعل وإيصال رسائلهم.
وأخذا بعين الاعتبار الحجم والمشاركة القوية للهيئات ومنظمات حقوق الإنسان التي قدمت إلى مراكش من مختلف بلدان العالم، يعد المنتدى أرضية لإضفاء طابع عالمي على مجال حقوق الإنسان والتقارب بين مختلف الفاعلين، لاسيما المؤسسات والمنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية والهيئات الدولية، بما يروم تكريس قيم حقوق الانسان التي تتقاسهما البشرية جمعاء..
وسينكب هذا الحدث الكبير على تحديد المشاكل الرئيسية في مجال حقوق الإنسان في علاقاتها بالمسلسل الديمقراطي، وذلك بهدف تقديم اقتراحات محددة ذات الصلة وتعزيز آليات التلقين والجوانب المعيارية المرتبطة بحقوق الإنسان.
كما أن هذا الموعد الوازن على صعيد الأجندة الدولية يستمد أهميته من كونه ينعقد قبيل استحقاقات كونية كبرى، ويتعلق الأمر بمؤتمر باريس بشأن المناخ لسنة 2015، وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي لما بعد عام 2015 وبرنامج عمل (بكين + 20) حول المناصفة وحقوق المرأة.
وعلاوة على المشاركة الواسعة للفاعلين الوطنيين والأجانب وطبيعة القضايا الموضوعاتية المرتقب مناقشتها، فإن الدورة الثانية للمنتدى العالمي لحقوق الانسان مرشحة لامحالة لكي تكون محطة أساسية في سياق النقاش القانوني العالمي حول مسألة حقوق الإنسان، والتي من الأكيد أن خلاصاتها ومخرجاتها ستعزز الصرح الديمقراطي على الصعيد العالمي وستكرس انفتاح البلدان المشاركة على الهيئات الدولية ذات الصلة ومساهمتها الفعالة في قضايا حقوق الإنسان.