سينكب المشاركون على تقييم التقدم الحاصل والوقوف على الانتكاسات المسجلة في موضوع حقوق الإنسان بالعالم في العشرية الأخيرة، فضلا عن تعميق النقاش حول الإشكاليات العالقة أو الناشئة من قبيل "المقاولات وحقوق الإنسان"، و"الحق في التقاضي بالنسبة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، و"حقوق الأشخاص المسنين". وسيكون المنتدى، الذي ينظم لأول مرة في دولة إفريقية وعربية، مناسبة لصانعي القرار والباحثين وممثلي المنظمات غير الحكومية لتبادل الأفكار، والوقوف على مدى التقدم الذي حققه المغرب في مجال حقوق الإنسان. وسيعرف المنتدى تجهيز ما يناهز 200 فضاء للنقاش واللقاءات والتكوين، بالإضافة إلى برمجة عشرات الأنشطة حول موضوعات متنوعة، تغطي كافة أجيال حقوق الإنسان، المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوق البيئية. وتروم النسخة الثانية من المنتدى العالمي لحقوق الإنسان خلق فضاء حر للنقاش العمومي حول مختلف القضايا والانشغالات الحقوقية الكونية، وإتاحة الفرصة للحكومات وللمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية، وللمجتمع المدني، وللمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وللفاعلين الاجتماعيين وللأكاديميين والباحثين، للتداول حول تسريع الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان، وتقاسم التجارب، والحوار بين المشاركين في المنتدى، على تنوعهم واختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم ومجالات اهتمامهم بما يخدم قضايا حقوق الإنسان والتأثير على مستقبلها في العالم. وحسب المنظمين، فإن المنتدى سيشكل فرصة للمغرب كي يساهم في النقاش العالمي حول حقوق الإنسان، سواء كفاعل أو شريك نشيط ومؤهل، ومناسبة لتأكيد إرادة شعوب وبلدان الجنوب للتكفل بقيم حقوق الإنسان، والمشاركة بشكل متساو في الحوارات العالمية الكبرى. وقال منظمون، في تصريحات ل"المغربية"، إن قضايا المساواة بين الجنسين والمناصفة وحقوق الشباب والأطفال وحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة وحقوق المهاجرين، ستحظى بنقاش واسع وعميق داخل المنتدى، بالإضافة إلى تنظيم معرض دولي كبير للفنون التشكيلية "عصيان" كشهادة على التزام الفنانين التشكيلين بحقوق الإنسان. وحظيت تجربة المغرب في مجال العدالة الانتقالية وعمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في الدورة الأولى من المنتدى العالمي لحقوق الإنسان بالبرازيل، باهتمام بالغ من لدن عدد من المشاركين في المنتدى،إذ نوه عدد من المسؤولين البارزين بالبرازيل ومن المشاركين في المنتدى بتجربة المغرب في مجال العدالة الانتقالية، خاصة من خلال عمل هيئة الإنصاف والمصالحة، ومسلسل جبر الأضرار وتسوية ملفات ماضي الانتهاكات، وعبروا عن إعجابهم بعمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومكانته داخل المشهد المؤسساتي الوطني، والسمعة التي بات يحظى بها على المستوى الدولي، من خلال تقاريره الموضوعاتية ومذكراته ومشاريعه. واعتبر عدد من الباحثين في مجال حقوق الإنسان أن اختيار المغرب لتنظيم المنتدى العالمي يدل على تقدم الاستراتيجية الوطنية في مجال حقوق الإنسان والجهود المبذولة لتقوية الدينامية الحقوقية والنفس الديمقراطي بالمغرب، مشيرين إلى أن المنتدى سيكون فضاء لاستعراض التجربة المغربية وإثرائها بتجارب دولية أخرى، وسيعطي الفرصة للآليات الدولية وآليات الأممالمتحدة ولكل الفاعلين الحقوقيين الآخرين للاقتراب من هذه التجربة ومن تملكها، وكذا إبداء ملاحظاتهم بشأنها. ويرى إدريس لكريني، رئيس مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات، التابعة لكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض، أنه يتعين، خلال هذا اللقاء الدولي، التفكير في طريقة أخرى لتقديم التجربة المغربية، بالانتقال بها من مستوى الاشتغال اليومي التدبيري وصياغة التقارير، إلى مستوى التأطير النظري والفكري لها، بخصوصياتها وببعدها الكوني، من خلال العمل على إدخالها مراكز البحث والجامعات والأكاديميات لتصبح مادة مرجعية في مجال التعاطي مع العدالة الانتقالية، مشيرا إلى أن المنتدى سيكون فضاء للتواصل مع العديد من الباحثين والأكاديميين والخبراء، وهو ما من شأنه المساهمة في تحقيق هذا المبتغى. وقال لكريني إن تجربة الإنصاف والمصالحة التي ركزت بالخصوص على التعويض المادي والمعنوي الفعلي للأفراد والجماعات ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، هي تجربة متميزة على الصعيد الدولي، تتفوق على العديد من التجارب الدولية من حيث المنجزات التي حققتها، مذكرا بأن العديد من شركاء المغرب اطلعوا عليها في مناسبات عدة. ويبقى اختيار المغرب لتنظيم هذا المنتدى بمثابة اعتراف بالجهود التي بذلتها وتبذلها المملكة، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، من أجل بناء مغرب ديموقراطي، يجعل الإنسان هدفا أسمى للتنمية والتطور في مختلف المجالات، وشهادة إضافية، تعزز الثقة التي ما فتئ المغرب يحظى بها في العديد من الملتقيات والمحافل الدولية. وأثارت التجربة الحقوقية المغربية والمنجزات في هذا المجال اهتمام العديد من البلدان والهيئات والفاعلين الدوليين في مجال حقوق الإنسان، بالنظر إلى تميزها وجرأتها على المستويين الدولي والإقليمي. تجدر الإشارة إلى أن المنتدى الدولي لحقوق الإنسان مبادرة تسعى إلى المساهمة في تعزيز التعاون والتنسيق، وتقاسم التجارب والممارسات الفضلى بين دول الجنوب في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها. كما أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان كان سباقا إلى الدعوة لتعزيز هذا التعاون، من خلال المبادرة إلى عقد أو للقاء لتأسيس حوار بين المؤسسات الوطنية بالمنطقة العربية والإيبرو- أمريكية بمدينة الدارالبيضاء يومي 12 و13 أكتوبر 2010، للتعاون من أجل تعزيز عمل المؤسسات الوطنية في مجال النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها.