تهافُت مثير هذه الأيام من قبل المستهلكين على نوع من مصبرات الطماطم المعلبة التي تُباع على نطاق واسع بالأسواق القروية والأحياء الشعبية. والسبب مرتبط بانخفاض ملموس في أسعار هذا النوع من المصبرات مقارنة مع مثيلتها من الأنواع المعروفة المتداولة في الأسواق.
وكمثال حجم علبة صغيرة من هذه الطماطم المشكوك فيها لا يتعدى ثمنها درهما واحدا، بينما سعر نفس العلبة من المصبرات المعروفة لدى المستهلك يصل إلى ثلاثة دراهم ونصف.
الأمر يثير منذ أول وهلة شكوكا، وأكثر من علامة استفهام حول مدى احترام هذا النوع من الطماطم المصبرة لأبسط المعايير الصحية.
الحذر جاء سريعا من مجموعة «المتخصصين في الهندسة الزراعية والشأن الغذائي في المغرب»، التي وجهت «رسالة تحذير» إلى وزارتي التجارة والصناعة والصحة، وإلى مصلحة الجمارك، تطالب فيها بتوخي الحذر من تسويق علب هذه الطماطم. وتشديد التحليلات على المنتجات المستوردة عبر إحدى الشركات، التي تستورد من الصين مستخلص طماطم ثلاثي التركيز، من فئة 36 – 38 في المائة، وتستخدمه في تصنيع مركز طماطم ثنائي التركيز 28-30 لشركات عدة في المغرب.
رسالة هذه المجموعة، التي نشرت في العديد من المواقع الإلكترونية، تؤكد أن معجون مركز الطماطم المعلبة «محمل بالبكتيريا العالية، والأصباغ الصناعية المضافة إلى هذا المركز، مثل مادة «كارما»، التي تتسبب في السرطان»، وفق مضمون الرسالة ذاتها.
أعضاء المجموعة أشاروا إلى أنه سبق لسلطات الجمارك المغربية أن ضبطت شحنة مكونة من 17 حاوية ضخمة في فبراير 2011، تحتوي على علب مركزات الطماطم، تضم علبا متفجرة بسبب البكتيريا العالية، إلا أنه أفرج عن تلك الشحنة بعد ذلك، لأسباب مبهمة. الرسالة تضمنت مجموعة من المعلومات حول استعداد شركات أخرى لإدخال مركزات طماطم إلى السوق المغربية، تحمل علامات وأسماء تجارية، يعرفها المستهلك المغربي، ويقبل على استعمالها في أطباقه اليومية. مصدر في المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتوجات الغذائية، رفض الكشف عن اسمه، تحدث عن أن مجموعة من الشركات المغربية تستورد، فعلا، مركزات للطماطم من الشركة المصرية، وأن بعض شحناتها ضبطت من قبل مصالح الجمارك.
بعد إخضاع بعض العينات منها للتحليل، تم التوصل إلى أنها لا تتناسب والمعايير المطلوبة، إما بسبب عدم توافق مكونات مركز الطماطم فيها مع المعطيات المبينة على علبها، أو بسبب غش في تركيبتها، من دون أن تكون تلك التحاليل قد أثبتت أن مادة «كارما» تتسبب في السرطان. المصدر ذاته أكد أن مصالح الجمارك لم تُصادر كل الكميات التي دخلت إلى المغرب من الطماطم المذكورة، بل جرت مصادرة كمية من شحنة مكونة من 17 حاوية، من أجل إخضاع عينة منها للتحليل.
في حين «لم يتأكد من سلامة الكميات الأخرى التي يجرى تسويقها حاليا بمختلف أسواق المملكة، والتي لا يستبعد أن تكون بعضها دخلت إلى التراب الوطني عن طريق التهريب».
مؤكدا أن المكتب الوطني للسلامة الصحية حاليا بصدد «التحقيق بجدية في الموضوع، بتنسيق مع مصالح وزارة الداخلية».
هل تتحرك السلطات ومصالح حفظ الصحة للتحري في مصدر هذه الطماطم، وسحبها عاجلا من الأسواق، قبل فوات الأوان؟ أم أن صحة المواطنين هي آخر ما يفكر فيه المسؤولون عن الشأن العام ببلادنا؟.