مساء الخميس كانت جمعيات مدنية ومواطنون على موعد مع وقفة احتجاجية أمام قنصلية الجزائربوجدة، تنديدا بالممارسة البربرية للجيش الجزائري، الذي عمد إلى إطلاق الرصاص الحي على مواطنين مغاربة، أصيب واحد منهم إصابات خطيرة وما زالت حالته حرجة. تجمع أمام القنصلية الجزائرية بشكل حضاري حوالي 3 آلاف مواطن، يجمعهم شيء واحد هو التنديد بهذا الفعل الجبان، دون الإساءة لا من بعيد ولا من قريب للشعب الجزائري الشقيق، لأن المغاربة يعتبرون الحكومة الجزائرية هي المعادية للمغرب.
وقام المنظمون بإخبار وسائل الإعلام الوطنية والمعتمدة بالمغرب، وكانت قناة فرانس 24 ممن أخبروا المنظمين بالحضور، وطلبوا اختيار متحدثين "سبكيرز" لتسجيل "سونورات"، لكن قبيل الوقفة تراجعت القناة عن التغطية، بل إن طاقم فرانس 24 عاد أدراجه وهو على بعد كيلومترات من مدينة وجدة.
فماذا حدث يا ترى؟
وكما يقال إذا ظهر السبب بطل العجب. تتطاير الأجوبة هل هناك شخصية فرنسية تدخلت في الموضوع؟ هل للعلاقات المتوترة بين البلدين دور في ذلك؟ قد تكون بعض من هذه العوامل واردة، لكن العنصر الأساسي والمؤكد وفق معلومات وثيقة الصلة بكواليس القناة، هو أن رئيس التحرير الجزائري، هو الذي أعطى أوامره لعودة طاقم القناة من حيث أتى دون إنجاز التغطية المذكورة.
القناة الفرنسية تكن عداء للمغرب، وهو عداء مدفوع الثمن من قبل السلطة الجزائرية، التي تصرف بالغالي والنفيس من عائدات النفط والغاز على وسائل إعلام كثيرة بفرنسا، وهي كلها متواطئة معها وتهاجم المغرب من أجل الحصول على التحويلات المهمة.
فرانس 24 التي تهاجم المغرب لأتفه الأسباب، تصم آذانها كلما تعلق الأمر بالدولة الجزائرية، وبالانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان، التي تتم تحت سمع وبصر العالم والمنتظم الدولي.
لكنها اليوم وجدت نفسها في موقف لا تُحسد عليه، بين مزاعم الموضوعية المفترى عليها وبين خدمة الأجندة السياسية للجزائر، ويعتبر رئيس التحرير المذكور عرابها في هذا الشأن، بالعربية تعرابت "سمسار" القناة نحو النظام الجزائري والعكس صحيح.
فالموضوعية تقتضي من القناة نقل الوقفة الاحتجاجية والتعقيب عليها بمتدخل من الجزائر ليبين وجهة نظر نظام العسكر. لكن هذه القضية خاسرة بالنسبة إليهم، لأن الجزائر لم تقدم توضيحات منطقية واكتفت بالهروب إلى الأمام وادعاء أن القضية تتعلق بإطلاق النار على مهربين، في حين أن المواطن الصالحي أصيب فوق أرضه التي يرعى فيها بهائمه، التي لم تنج من بهائمية نظام مستبد ومتعجرف ولا يعير حسن الجوار كمبدأ أممي أي اعتبار.
وهكذا يكون رئيس التحرير الجزائري قد قضى على ما تبقى من موضوعية لدى القناة، ونقول ما تبقى لأنها باعت الجزء الكبير منها في وقت سابق، وخصوصا إذا تعلق الأمر بالمغرب.