لم يفهم أكثر المقربين من حزب العدالة والتنمية وقيادته تصريحات القيادي في الحزب، أبو زيد المقرئ الإدريسي الذي يرفض التنازل عن مقعده البرلماني ويصر على الترشح في كل ولاية جديدة، المقرئ وصف التحالف الحكومي لعبد الإله بنكيران ب"الهجين والمرتبك"، وقال إن النظام السياسي استطاع الالتفاف على الحراك الشعبي، الذي انطلق مع حركة 20 فبراير، لتجنب الثورة، لكنه غير قادر على منعها إن هو أفشل التجربة الحكومية التي بدأت. وأوضح الإدريسي، أن الذين شاركوا في انتخابات 25 نونبر ليس هم كل الشعب المغربي، بل لازال جزء كبير منه على مقاطعته وترقبه وغضبه واحتقانه النفسي. هناك تفسيران لا ثالث لهما في خرجة الرجل الإعلامية والتي اختار أن تكون بعد أسبوع من تعيين حكومة بنكيران، التفسير الأول أن أستاذ اللسانيات والفقيه العارف بأمور دينه في إطار ما تسمح به إمكانياته المعرفية والحفظية، غضب من بنكيران بعدما "قلب" عليه، ولم يعره أي اهتمام وهو الذي يعتبر نفسه الأولى بتحمل إحدى الحقائب الوزارية، وبالتالي فحرجته هذه ليست سوى انتقاما من بنكيران الذي فضل أن يكون معه أصحابه ورفاقه.
أما التفسير الثاني وهو قريب من المنطق جدا، أن العدالة والتنمية وكدأبه دائما يمارس سياسة "طلع تاكل الكرموس، نزل شكون قالها ليك"، لذلك تم تعيين المقرئ الإدريسي أبو زيد معارضا شرسا لكن بخرجات إعلامية محسوبة، حتى إذا فشلت حكومة بنكيران كان البديل مستعدا لأخذ زمام الأمور بعد خروج الفاشلين، وهي السياسة ذاتها التي نهجها الحزب إبان خروج حركة 20 فبراير، حين سمح لثلاثة من قيادييه بالتظاهر في الشارع وهو مصطفى الرميد والحبيب الشوباني وعبد العالي حامي الدين، فإذا نجحت حركة 20 فبراير تسلم الثلاثة زمام الأمور، أما إذا فشلت فيعودون إلى قواعدهم سالمين بمبرر الإنصياع لقرارات الحزب، وكان نصيب إثنان من الثلاثة حقائب وزارية.
إنها إذا مجرد لعبة سياسية تعود الحزب على لعبها منذ زمن بعيد، ومن هنا نفهم سر تأخر المقرئ أبو زيد في خرجته هذه، حتى تكون الرسالة واضحة لمن يهمه الأمر، فإما أن تتركوا العدالة والتنمية تشتغل أو هي ثورة حتى الموت، وهو يدخل في سياق الخطابات الشوفينية التي يستعملها الحزب كلما أحس بتضييق الخناق عليه.
ومن هنا نطرح علامة استفهام عريضة، لماذا صمت المقرئ الإدريسي طيلة خمسة أسابيع، وهو يعرف أن كثيرا من المغاربة لم يصوتوا، ولماذا لزم بيته أثناء تشكيل الحكومة، وهو يعلم أنها هجينة، هل كان السلوك نفسه سيسلكه لو أن بنكيران اختاره ضمن فريقه الحكومي، إنه بلا شك النفاق السياسي وانعدام الأخلاق لدى زعماء العدالة والتنمية الذين تعودوا على الرقص على كثير من الحبال.