=للشعوب كلها قارئة الفنجان، ولنا وحدنا مقرئ الفنجان. فقد أنذرنا المقرئ أبو زيد، القيادي في حزب العدالة والتنمية بأن الثورة قادمة في المغرب. وقد بنى تحليله، في الحوار الذي أجرته معه مجلة «رهانات» ونقلت مقتطفاته يومية «أخبار اليوم» في عددها ليوم أمس، بأن الحكومة الحالية حكومة هجينة، وأن النظام السياسي المغربي، طبعا، التف على الحراك الشعبي الذي انطلق مع 20 فبراير، وذلك، طبعا، كله لأجل إفشال الثورة. لكن هذه الثورة لابد من أن تقع إذا ما «النظام أفشل التجربة الحكومية التي بدأت». يا سلام. شدني واللا انطيح! يريد المقرئ أبو زيد أن يعمل النظام على إنجاح الحكومة إذا ما هو أراد ألا تنجح الثورة. وبمعنى آخر النجاح مقابل الثورة!! لقد ذكرني ذلك بمنطق آخر كان الأخ الرميد، قبل أن يتحول إلى وزير في حكومة المقرئ أبو زيد الهجينة، يربط بين نجاح العدالة والتنمية وبين.. نزاهة الانتخابات. إذا نحن لم ننجح في الانتخابات، فهي إذن مزورة. وبعد أن نجح لم يكن هناك؛ حديث لا عن التزوير ولا عن المال ولا عن الفساد الانتخابي.. اللهم إنك مالك الملك تؤتي الحكمة من تشاء. ونفس المنطق جاء هذه المرة على لسان السيد المقرئ أبو زيد، يقول بأن الذين شاركوا في الانتخابات ما هم إلا جزء قليل ( وهذا صحيح، ولا شك، لأن 60 % مازالوا قيد الحذر والتوجس من اللعبة الانتخابية )، وأن الذين شاركوا، شاركوا في محاولة أخيرة «تجنبا للثورة». والغريب أن السيد المقرئ لا يريد نجاحا نسبيا، كما قد يكون في كل تجربة حكومية، بل يريد من النظام أن تنجح التجربة وإلا .. سقط! نعم السي. إذا فشل بنكيران كرئيس حكومة، ولو فشل نسبيا، فعلى الملكية السلام، وليس أمامكم سوى الثورة. وذهب إلى القول بأن المغرب اليوم يشبه الوضع الذي كانت عليه إيران قبل مجيئ الخميني. وأن ألف مصدق، الزعيم الوطني الإيراني، لن ينقذ المغرب من الثورة .. طبعا استطاع المقرئ أبو زيد «عن جدارة واستحقاق» أن ينال مقعده البرلماني منذ سنين، وهو لم يفكر في الثورة من قبل الدخول إلى البرلمان، بل لم يكن يفكر سوى في تطبيع الوجود في السياسة والهجوم على كل مظاهر الفن ( كقصة مراكش المعصية) أو على المناضلات في الحكومة النسائية. فالمغرب قد أنتج ما يكفي من السياسات الخاطئة لكي تقوم الثورة. لقد كنا نتخوف فعلا من تجذر وتطرف الرأي العام إذا لم يشهد من الانتخابات سوى تكرار التجارب السابقة وصعود أصحاب المال. وبالرغم من كل شيء، اعتبرنا أن فوز العدالة والتنمية جواب ذكي من الشارع والفاعل السياسي والمدني المغربي على المحيط. وبالرغم من كل المال وأصحابه، ومن كل الممارسات، لم يطعن أحد في الانتخابات. وهي المرة الأولى التي يهددنا فيها أحدهم بالثورة بالرغم من الانتخابات النزيهة لفائدته. الانتخابات وحدها لا تكفي، بل لابد من ضمان نجاح التدبير الحكومي! هذا المنطق يريد أن يرفع السيف على رأس المغاربة لمدة خمس سنوات ويطلب منهم شيكا على بياض بقبول أية نتيجة، بل لمَ لا التهليل لها من الآن، على طريقة كوريا الزعيم الملهم كيم...! وإلا القضية ..كيم كيم! طبعا، لا بأس من أن يتجه الزعيم البولشفي، الذي اختار البرلمان كأي منشفي صغير، في آخر الشهر لصرف التعويض البرلماني، ويصرف بالمناسبة الثورة بالتقسيط المريح. يريد السيد النائب المحترم، ولعله سيكون أول برلماني يقود ثورة في تاريخ البشرية، أن يقنعنا بأن الثورة المغربية هي الثورة الإيرانية، وصلت متأخرة بسبب.. صندوق الاقتراع! أو بسبب التربة الهجينة للحكومة .. التي عليها أن تنجح لكي لا تقوم هذه الثورة. فكوها معانا وتبعوا الخيط: هذه الحكومة هجينة، وهي نتيجة محاولة النظام الالتفاف علىالحراك الشعبي، وإيلا ما نجحاتش الثورة جاية، نايضة بلغة 20 فبراير! ستكون، إن شاء الله، أول حكومة هجينة تنجح وتمنع الثورة. يا سلام على مقرئ الفنجان، الذي يتشبه بابن لادن في رفع الأصبع بالقرب من الرأس! هناك شيء غير سليم بالفعل في منطق كهذا، ألا وهو غياب المنطق، بل إن الجميع مطالب بأن تنجح هذه الحكومة ( بما هي حكومة هجينة وليست شعبية!!!) وإلا سقط السقف على رؤوس الجميع. كدت بالفعل أعتقد بأن الحكومة الهجينة هي الحكومة .. الربانية، التي إذا ما سقطت حل بنا الخراب! الرجوع لله آسيدي أبوزيد!