أعطى المغرب دفعة قوية لسياسة محاربة السكن غير اللائق سواء ما يتعلق بالبناء العشوائي أو مدن الصفيح التي تحولت إلى ظاهرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وقد مكن هذا النوع من السكن الذي تبلغ كلفته 25 مليون سنتيم، من إدماج آلاف المواطنين داخل النسيج الحضري, وأيضا تمكين فئات اجتماعية واسعة من ولوج سكن لائق، يخضع لمجموعة من الشروط والمتطلبات التي ظلت تمثل حجر الزاوية من أجل العبور إلى الجانب الحضري في المدينة، والقطع مع سلوكات وممارسات التصقت بالبناء العشوائي. وتعكس المشاريع المنجزة اليوم الأهمية التي توليها الدولة لهذا النوع من المشاريع, وكذلك العناية التي يحضى بها لدى الملك محمد السادس الذي خصص مجهودا كبيرا لدعم هذه الفئة من المواطنين الأكثر عوزا من أجل تمكينها من حياة كريمة تتوفر فيها شروط السكن اللائق، حيث تمت هيكلة المجال الحضري للمدن من خلال عدد من مشاريع سكنية المندمجة والمهيكلة والتي مكنت من قطع دابر المضاربات العقارية، وتحويل المدن إلى ورش للتنمية المستدامة، كما أنها مشاريع مكنت من إحياء الأمل لدى كثير من المواطنين في امتلاك سكن لائق وفي ظروف إنسانية جديرة بالإحترام والتقدير، وتناسب القدرة الشرائية لهذه الفئة من الناس. وقد مكنت هذه المشاريع التي تم إطلاقها في جل المدن المغربية خاصة الكبيرة منها، من تحسين ظروف عيش الفئات ذات الدخل المحدود، والتي لا تتوفر على دخل قار، والمهددة في أي وقت بالنزوح إلى الشارع, كما أن هذه المشاريع الكبرى للسكن الاجتماعي التي تبلغ كلفتها 250 ألف درهم كفيلة بتثمين وتحصين المشهد الحضري من كل أشكال التطرف، وتعزيز الدينامية الاقتصادية التي يشهدها المغرب لخلق تجمعات حضرية متوازنة وجذابة. ويتوفر السكن الإجتماعي الذي يظهر البعد الإجتماعي والإنساني للملك محمد السادس، على كثير من الأبعاد الإجتماعية والإقتصادية والبيئية وكذا الإنسانية، فهو يوفر شققا يجميع مكوناتها من ماء وكهرباء وصرف صحي وهي ضروريات يتطلبها السكن الحضري، إلى جانب العلاقات الإنسانية التي يتم نسجها، في سياق الجوار والتي هي أساس الحضارة الجديدة ومقوم من مقوماتها، كما أن السكن الإجتماعي يوفر إضافة إلى السكن اللائق، الحماية داخل السكن المشترك وكذلك الإنضباط إلى قانون الملكية المشتركة، وهي أمور تغيب في السكن العشوائي ومدن الصفيح التي تكون مفتوحة على جميع الواجهات، وتتحول إلى منبت للتطرف والإنحراف بكل تلويناته.
وبالنظر إلى الصعوبة المتزايدة للحصول على سكن في ظل سوق مفتوحة تحكمها المضاربات العقارية، فإن السكن الاجتماعي الذي يرعاه الملك يستجيب لحاجيات فئة عريضة من الأسر ويفتح آفاق جديدة أمام المعوزين الذين تضرروا كثيرا في غياب شروط العيش الكريم، كما أن تواجد كثير من المرافق العمومية خاصة المدارس والمستشفيات، سيمكن المواطن العادي من ولوج هذه الخدمات بما يحفظ كرامته، ويصون إنسانيته، إلى جانب التنافسية التي يخلقها هذا النوع من السكن بين المستفيدين.
ولكي يتم إنجاح هذه التجربة التي يقودها الملك محمد السادس، فإن المطلوب هو توفير ترسانة قانونية للحد من المضاربات، ومن التلاعب الذي يلجأ إليه بغض السماسرة، مدفوعين بالرغبة إلى مزيد من الأرباح، إلى جانب الحكامة الجيدة، سواء في ميدان التتبع أو المراقبة، مع ضرورة حماية هذه المشاريع من المضاربة حتى يتم تقديم منوتج بجودة عالية، وبأقل تكلفة ووفق شروط البناء الحديث. قهذه المشاريع الاجتماعية لا تعتبر سكنا ذا تكلفة ضعيفة فحسب, وإنما هي أيضا عمليات مندمجة تتألف في غالبيتها من سكن اجتماعي وآخر متوسط وفيلات, مما يخلق التمازج الاجتماعي بالأحياء السكنية, وبالتالي تفادي أي شكل من أشكال الإقصاء. ويبدو أن الدولة فهمت المغزى من إقامة هذا النوع من المشاريع حيث تم اتخاذ تدابير لمصاحبة ومراقبة جودة أشغال إنجاز هذا البرنامج, في إطار هذه الاستراتيجية الجديدة لإنعاش السكن الاجتماعي التي يقودها الملك محمد السادس, والتي من شأنها تمكين ملايين الأشخاص من ذوي الدخل المحدود من العيش في شقق لائقة والرفع من وتيرة امتصاص الخصاص الحاصل في السكن بعدد من الجهات. كما أن الدولة بادرت إلى اعتماد سياسة الشباك الوحيد بغية معالجة ملفات السكن الاجتماعي, وذلك لتقليص آجال مساطر الحصول على الترخيصات وضمان سرعة أكبر بالمقارنة مع المشاريع العادية. كما تمنح هذه الاستراتيجة تحفيزات وتسهيلات ضريبية لفائدة المشترين والمنعشين العقاريين, ولاسيما شفافية أكبر بالنسبة للشركات العقارية من خلال تبني أجل عشر سنوات لهذه السياسة (2010 – 2020).
*جمال لخناسي: ماقام به جلالة الملك في الخمس سنوات الأخيرة يضاهي ما حققه المغرب في مجال السكن لخمسين سنة
أبرز المهندس جمال لوخناسي، رئيس المجلس الوطني للهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين بالمغرب، الأهمية الكبرى والبعد الاستراتيجي والاقتصادي والاجتماعي للمبادرات الملكية المتعددة والمسترسلة في مجال السكن.
وقال لوخناسي في تصريح ل"تيليكسبريس" إن هذا التوجه المعتمد من طرف أعلى سلطة في البلاد خلال العشرية الماضية، يتجسد باستمرار في الخطب الملكية وفي سلسلة المشاريع الكبرى التي تعرفها مختلف ربوع المملكة، مضيفا أن السكن يندرج ضمن الأولويات التي حددها المشروع المجتمعي الملكي ( التعليم، الصحة ، الشغل، السكن).
وأشار لوخناسي إلى أن الإرادة الملكية في توفير ظروف العيش اللائق للمغاربة واكبتها مجموعة من والإجراءات من قبيل تفعيل الملك العام للدولة وتحريك التدابير القانونية والمؤسساتية والبنكية، قائلا إنه لأول مرة تتحقق التقائية القطاعات الحكومية في مجال السكن، من أجل توفير منتوج سكني متنوع لفائدة كل الشرائح الاجتماعية.
وعن الأثر النفسي والاجتماعي لموضوع السكن لدى المغاربة، قال لوخناسي إنه يشكل انشغالا رئيسيا للمواطن ويشكل عبئا ثقيلا بالنسبة للأسر المغربية التي يستنفذ اقتناء سكن أوكراؤها مايتجاوز ثلت دخلها بكثير، ناهيك عن معاناة ذوي الدخل المحدود أو عديميه.
فالسكن، يضيف رئيس المجلس الوطني للهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين بالمغرب، يحقق للمغرب السكينة وراحة البال، علاوة على كونه حقا دستوريا قائما، مشيرا إلى أن عددا من الأسر انفصمت بسبب السكن، علاوة على أن المغرب أصبح يعرف، كبعض المجتمعات الأخرى، ارتباط التأخر في الزواج أو العزوف عنه بالحصول على سكن، سيما في ظل التحولات التي طرأت على تركيبة الأسرة المغربية التي لم تعد ممتدة بالمفهوم السوسيولوجي بل أصبحت تتجه نحو تكريس الأسرة النووية. وبخصوص إعمال معايير الشفافية في المشاريع السكنية، اعترف لوخناسي بصعوبة الجزم في هذه المسألة الحساسة لعدم توفر معطيات دقيقة، لكنه لاحظ أن مصادر إنتاج السكن بدأت تقوم بإعلانات مفتوحة موجهة لكافة المنعشين العقاريين بناء على دفاتر تحملات ومواصفات دقيقة وباعتماد التنقيط والحرص على حضور المقاولات حين البت في طلبات العروض.
وأضاف لوخناسي، أنه من خلال متابعته للإعلام، عاين أن الصحافة لم تطرح منذ مدة أي فضيحة أو تثر ضجة كبرى حول المشاريع السكنية، واعتبر ذلك مؤشرا على تبني الشفافية والمراقبة. *جمال لوخناسي، رئيس المجلس الوطني للهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين بالمغرب
جمال أغماني : السكن الإجتماعي نموذج مثالي لتفعيل الحكامة الجيدة
قال جمال أغماني وزير التشغيل والتكوين المهني في حكومة عباس الفاسي، إن السكن الإجتماعي الذي أطلقه الملك محمد السادس في 2010، وسهرت على تنفيذه لجنة وزارية مكونة من ثلاث قطاعات، يروم إلى تخفيف العبئ عن دوي الدخل المحدود، وتوفير سكن يلبي مطالبهم، وأوضح أغماني أن رؤية الملك محمد السادس كانت تهدف إلى خلق ورش بناء حقيقي يحقق كثيرا من الغايات، أولها محاربة السكن غير اللائق والحد من ظاهرة الإقصاء الإجتماعي، وثانيا توفير مزيد من فرص العمل لفائدة العاملين في قطاع البناء، وثالثا خلق نوع من المنافسة بين المنعشين العقاريين، من أجل إنجاز مشاريع تهم هذا القطاع، مبرزا أن الملك محمد السادس أعطى إشارات قوية على أن المشروع يجب أن يأخذ أبعادا اجتماعية، أكثرها من تجارية، مع ضمان هامش من الربح يكون معقولا لفائدة المقاولات العاملة في المشروع.
وأضاف أغماني أن مثل هذه المشاريع تساهم في إعادة بناء الثقة بين فئات الشعب، إذ يصبح لها بعد تضامني، كما أن انخراط كثير من القطاعات الحكومية، وكذا الخواص في هذه التجربة النمودجية أعطاها بعدها الوطني من منطلق خلق مجتمع مواطن ومتضامن.
وأوضح أغماني أن مشروع السكن الإجتماعي ساهم في تحقيق مفهوم الحكامة الجيدة بالنظر إلى اعتماده آليات عمل شفافة، كما أنه يوفر إطارا قانونيا ملائما، يأخذ بعين الإعتبار أهداف الورش النبيلة، وينطلق من فلسفة منح المواطن المهمش فرصة بناء حياته من جديد داخل سكن يضمن له الكرامة الإنسانية، كما أنه ساهم في الحد من ظاهرة البناء العشوائي ومدن الصفيح التي كرس المغرب مجهودا كبيرا لمحاربتها والقضاء عليها، وذلك من خلال مشروع مدن بدون صفيح الذي ظل أولوية حكومية.
وأشار أغماني القيادي في صفوف الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، أن هناك كثير من المعايير التي تم تطبيقها على هذا النوع من المشاريع التي لا يكون الهدف من وراءها الربح المادي بقدر ما يكون الجانب الإجتماعي حاضرا بقوة.
واعتبر أغماني أن قوة هذا الورش تمكن في وجود دفتر تحملات بين التزامات كل طرف، كما أن الدولة قدمت مبادرات تحفيزية خاصة ما يتعلق بالإعفاءات الجبائية وتبسيط المساطر مما يحقق مجموعة من الأهداف لعل أهمها هو الجانب الإنساني على اعتبار أن السكن الإجتماعي هو شكل من أشكال محاربة الإقصاء والتهميش، قبل أن يضيف أن نجاح أي مشروع يتطلب الحكامة الجيدة والمراقبة سواء القبلية أو البعدية وذلك لمنع أي انحراف عن المسار المسطر، مذكرا أن تدخل الملك في هذا المشروع منحه نوعا من المناعة.
توفيق بنعلي : مدير التعمير بشركة العمران السكن الإجتماعي ساهم في حل كثير من الإشكالات الإجتماعية
يمثل مشروع السكن الإجتماعي الذي انطلق سنة 2010 بمبادرة من الملك السادس، حلقة أساسية من حلقات التنمية البشرية، حيث تم إحداث لجنة وزارية تتكون من وزارات السكنى والتعمير والداخلية والمالية، من أجل مواكبة المشروع، كما أنه يمثل أحد الأوراش المهمة التي انطلقت في عهد الملك محمد السادس من أجل استكمال ورش البناء الذي انطلق مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كأحد أهم المشاريع الموجهة لمحاربة الهشاشة والإقصاء الإجتماعي، ليأتي السكن الإجتماعي بحمولته الإقتصادية والثقافية، باعتباره لبنة من لبنات هذا الورش ، كما أن المشروع هو استكمال لأوراش أطلقها الملك محمد السادس أهمها كما قلت في السابق ورش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي انطلقت سنة 2005، والتي حضيت بالرعاية الملكية، كما هو الشأن بالنسبة للسكن الإجتماعي الموجه أساسا إلى الفئات ذات الدخل المحدود، والفئات المعوزة، والواقع فإن السكن الإجتماعي وفر مجموعة من الإمتيازات سواء للمستفيدين أو المنعشين العقاريين، فهو وضح حدا للمضاربات العقارية، كما وقف في وجه ظاهرة "النوار" التي تعتبر آفة حقيقية وجب التصدي لها، إضافة إلى كونه موجه بالأساس إلى الفئات الفقيرة، ولعل إصرار الملك محمد السادس على تتبع هذا الورش الكبير وحمايته من كل أسباب الفشل التي غالبا ما ترافق مثل هذه المشاريع منحه المناعة اللازمة، أما فيما يخص المنعشين العقاريين، فقد وفر لهم المشروع هامشا من الربح، جعلهم يقبلون عليه بكثافة، وأهم ما جاء به هو الإعفاءات الجبائية ومجانية التحفيظ والوعاء العقاري الذي يتم اقتناؤه وفق مجموعة من الشروط التفضيلية، إلى جانب امتيازات أخرى باتت في متناول المنعش العقاري.
وكما قلت فإن السكن الإجتماعي توفر له جميع الضمانات القانونية لحمايته من كل المضاربات العقارية، التي كان يتعرض لها المواطنون الذين اكتووا بغلاء هذا النمودج العقاري، كما أنه يوفر السكن اللائق لفئات ظلت مقصية لسنوات.
واليوم فقد فاق الطلب على هذا النوع من الشماريع 700 ألف وحدة سكنية، حيث تم الترخيص لما يقارب 180 ألف وحدة سكنية من فئة 250 ألف درهم، وانطلق العمل فعليا في أكثر من 100 ألف وحدة سكنية، ويهدف المشروع إلى الوصول إلى بناء 300 ألف وحدة سكنية، كما أن جميع المعايير تم احترامها تبعا لدفتر التحملات الموضوع رهن إشارة المنعشين العقاريين.
ويبقى أهم ما جاء في المشروع هو تبسيط المساطر والشباك الوحيد وهو ما شجع كثير من المنعشين العقاريين على المساهمة في هذا الورش الإجتماعي الكبير.
إدريس بنعلي : حكومة بنكيران مطالبة بتفعيل برنامجها الإنتخابي في شقه الإجتماعي
قال ادريس بنعلي الخبير الإقتصادي، إن أكبر رهان يواجهه الإسلاميون الصاعدون إلى الحكومة هو المحافظة على المكاسب الاقتصادية والاجتماعية التي حققها المغرب في بعض المجالات، خاصة ما يتعلق بالسكن الاجتماعي الذي ساهم بنسبة معينة في التخفيف من أزمة السكن غير اللائق، ولو بشكل متفاوت بين منطقة وأخرى، واعتبر بنعلي أن حكومة العدالة والتنمية سيكون عليها مواصلة نفس السياسة الرامية إلى محاربة السكن العشوائي ومدن الصفيح، التي ورغم القضاء على جزء منها إلى أن الظاهرة لم تنته بعد، داعيا حكومة بنكيران إلى أخذ العبرة مما سبق.
واعترف بنعلي، في تصريح لموقع تليكسبريس الإلكتروني، بوجود مجهودات وصفها بالحسنة في التقليص من ظاهرة البناء العشوائي وذلك من خلال مجموعة من المدن التي تم بناؤها، لكن أضاف أن الحكومة المقبلة في حاجة إلى بذل مجهود مضاعف، للوقوف أولا في وجه المضاربين العقاريين الذي يمكن اعتبارهم حسب بنعلي الوجه القبيح لأزمة السكن، وثانيا من خلال سن قوانين جديدة يمكن أن تشكل رادعا من أجل الحد من ظاهرة البناء العشوائي وتناسل مدن الصفيح عبر لوبيات لا زالت تعمل في الخفاء.
وأضاف أن السكن العشوائي يؤدي إلى كثير من الإكراهات الاقتصادية والاجتماعية ذات الأبعاد الخطيرة، كما أنه عائق كبير في وجه التنمية المستدامة، كون قاطنيه غالبا ما تنعدم لديهم شروط الإقامة السليمة مما يتسبب في كثير من الأمراض خاصة في صفوف الأطفال الصغار، وشدد على أن غياب قنوات الواد الحار وانعدام الماء الصالح للشرب، وعدم وجود مرافق عمومية داخل مدن الصفيح والمساكن العشوائية، يؤدي مباشرة إلى تناسل كثير من المظاهر الشاذة، والتي يجب حسابها بالأرقام لنصبح أمام ملايين الدراهم التي يتم هدرها، موضحا أن مبادرات الملك محمد السادس في هذا الباب يجب أن تكون عاملا مساعدا، وليس هدفا في حد ذاته، ومحذرا في الوقت نفسه من ركوب الحكومة المقبلة على منجزات الملك، لأن حكومة منبثقة عن الشعب لابد أن تكون في مستوى هذه الثقة.
وبعد أن أشار إلى أن تحقيق الوعود الاقتصادية التي أطلقها حزب العدالة والتنمية من خلال برنامجه الانتخابي سيكون أمرا بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلا، شدد على أن أكثر هذه الإكراهات التي يواجهها بنكيران مستقبلا هي المعضلات الاجتماعية المرتبطة بذوي الدخل المحدود الذين يحتاجون إلى سكن لائق وإلى التغطية الصحية والاجتماعية وإلى مرافق عمومية تؤدي خدمات مجانية، مشيرا إلى أن المواطن العادي يريد أن يرى أثر التغييرات على معيشه اليومي، وهو الأمر الذي أخفقت فيه الحكومات السابقة، وأدى في نهاية المطاف إلى وقوع كارثة اجتماعية خطيرة.
مبادرات جلالة الملك في قطاع السكن أدخلت المغاربة عهد الكرامة الحقيقية
موحى الأطلسي
طيلة الخمسين سنة التي مرت على استقلال المغرب، كان التوفر على سكن خاص بالنسبة للغالبية القصوى من المغاربة حلما من سابع المستحيلات، خاصة أن الحكومات المتعاقبة لم تول المسألة الاجتماعية والحاجيات الأولية للساكنة أدنى اهتمام، ولقد كان لهذا الإهمال انعكاسات سلبية على طبيعة المجتمع المغربي وخاصة على كرامة ناسه التي وصلت ما دون الحضيض. العشرية الأولى من القرن الحالي كانت مفتاحا لحل عقدة المغاربة أمام الحلم المستحيل (الحق في السكن)، وذلك مع دخول المغرب عهدا جديدا يقوده الملك محمد السادس، حيث حرص على العمل بصمت يحمل تفهما عميقا لأحد المطالب الأساسية للشعب المغربي، محققا، وتلك مجرد بدايات، حلم كل مغربي في سكن لائق وبكلفة في المتناول. في الماضي كما في الأمس القريب، كانت الحكومات تشتغل بترويج خطابات فضفاضة يقابلها إنجاز مجهري غير مستند إلى تشخيص الواقع الحقيقي للمغاربة في تجلياته الصادمة ( انتشار البراريك، تجمع اسر متعددة الأفراد في غرفة واحدة مكتراة مع الجيران مع استعمال مرحاض مشترك، أفراد أسر ينامون بالتفويج، تناسل حكايات عن افتضاح حميميات الأزواج أمام أبنائهم الكبار وهلم جرا). لم تستفد تلك الحكومات أيضا من المونوغرافيات الميدانية التي أنجزها طلبة شعبة علم الاجتماع عن سكن المغاربة وظرف عيشهم،حيث ظلت هذه البحوث حبيسة الرفوف يتراكم فوقها الغبار. كان على المغاربة أن ينتظروا بداية الخلاص على يد الملك محمد السادس الذي منذ اعتلى العرش،حول مكتبه من الديوان الملكي إلى الأوراش الكبرى الميدانية. لم يقتصر دوره على وضع الحجر الأساس والتدشين فقط، بل تابع وعاين وراقب سير الأشغال بشكل مباشر ونبه المقصرين وأدخل الرهبة إلى قلوب المتلاعبين والسكينة إلى قلوب المستضعفين. لا توجد لدينا أرقام مضبوطة عن المشاريع السكنية الاجتماعية التي أشرف الملك على إنجازها، لكننا نجزم أنها تتجاوز مئات الآلاف، وهي حصيلة تعكس ثورة اجتماعية وتنموية حقيقية يجدر بالمغرب الافتخار بها مقارنة مع العديد من الدول التي تفوقه ثروة وإمكانيات. كانت نظرة الملك ثاقبة للملف الاجتماعي خاصة في شق السكن، حيث جنب إشرافه المباشر هذا الملف كل الشوائب التي من شأنها طبع عمل الحكومات من رشوة وتمرير زبوني للصفقات واستغلال انتخابي لموضوع حساس وذا بعد استراتيجي مرتبط بعوامل الاستقرار. وفي غياب معطيات دقيقة، يمكن معاينة تراجع احتكار المشاريع السكنية من طرف مقاولات بعينها، حيث فتح المجال للمقاولات من الداخل والخارج في ظل إعمال الشفافية. من الناحية السوسيولوجية، يمكن قراءة مبادرات الملك محمد السادس في مجال السكن كرد حقيقي وناجع على عدد من المعضلات الاجتماعية كظاهرة العزوف عن الزواج بسبب عدم التوفر على سكن، وتفشي بعض الأمراض الجرثومية الناجمة عن انعدام النظافة وقلة التهوية و دخول أشعة الشمس. ويكفي القول على سبيل المثال أن عددا كبيرا من المغاربة لم يكونوا يعرفون المرحاض أو الدوش الساخن قبل العهد الجديد. "تليكسبريس" بطرقها لهذا الموضوع الاستراتيجي المتصدر لأولويات المشروع المجتمعي التنموي للملك محمد السادس، تدشن لنقاش واسع مع عدد من الفاعلين والمتدخلين في قطاع السكن.