وقعت إيقاعات "العيطة" في لونها التراثي المتجدد، حضورها القوي في إطار فعاليات الدورة 13 لمهرجان "موازين .. إيقاعات العالم" من خلال حفل أحياه الفنان جمال الزرهوني بالمركز الثقافي للنهضة بالرباط. "سمفونية العيطة" عنوان جدير بالصيغة والأسلوب التجديدي الذي يقترحه جمال الزرهوني على جمهور وفي لذاكرته التراثية الشعبية، كان في الموعد ليتفاعل مع أداء رصين ومتجدد، شكلا ورؤية، لفرقة هذا الفنان الأصيل الذي يحمل على كاهله هاجس إحياء ميراث العيطة العبدية.
بالآلات التقليدية نفسها التي صنعت تاريخ فن العيطة، "لوتار" و"البندير" و"الدربوكة"، لكن بتكثيف إيقاعي وانتظام لحني راسخ، يقدم جمال الزرهوني، ابن آسفي، عاصمة عبدة وحاضنة تراثها، العيطة على أنها فن قابل للصمود والتطور، خصوصا أنه يجمع بين زخم الإيقاعات والأهمية التاريخية والأدبية لنصوصها.
وخلال الحفل الذي تراقص خلاله جمهور متعطش للإيقاعات الشعبية التراثية، برعت الفرقة، بقيادة الزرهوني، عازف "لوتار" البارع، في استعادة أشهر القطع من سجل "العيطة" الذي تناقله شيوخ هذا الفن عقودا طويلة، وبات يشكل وثيقة فنية وتاريخية هامة، تستحق الصيانة والتثمين.
وأبعد من التخصص في أداء فن العيطة العبدية، يحرص الزرهوني على مواصلة مشروع جدير بالتشجيع لتوثيق القطع التراثية، علما أنه يرأس جمعية عبدة لشيوخ العيطة بآسفي.
يذكر أن جمال الزرهوني بدأ تعلمه لآلة "لوتار" والغناء التقليدي في سنة 1967. اشترك في أعمال عدة مع أساتذة في فن العيطة كفاطنة بنت الحسين وعايدة وعبد الرحمان تريان وداحمو وكذا مبارك جمال. وسنة 1982، أسس فرقته الخاصة ليشارك بها في عدة تظاهرات في المغرب. وقد سجل أول قرص مدمج له سنة 1990 كما تعاون مع خديجة مركوم وبوشعيب جديدي وحجيب والستاتي وآخرين.