وحدها إفريقيا تعرف الدور التاريخي للملوك العلويين، ووحدها تعرف القيمة المعنوية لإمارة المؤمنين قبل وبعد تدوينها دستوريا، باعتبار أن هذه الرابطة تخترق الحدود الجغرافية بل تدمرها ولا تعير للتراب أي اعتبار، فهي رابطة روحية قوية، تؤمن بالانتخاب الرباني والاصطفاء من أجل حمل رسالة الإسلام، وتعتبر اليوم رسالة إمارة المؤمنين صعبة وثقيلة نظرا للتحديات التي تواجه الدين الإسلامي خصوصا والأديان عموما، ولا يوجد نموذج للتنوير الإسلامي خارج إمارة المؤمنين. فإمارة المؤمنين التي تسير بالتوازي مع الملكية في المغرب نموذج متطور لإيجاد الصيغة المثلى بين قيم الإسلام ومفاهيمه المؤطرة وبين الدولة المدنية الحديثة، وهي الصيغة التي جعلت المغرب قبلة ومحجا للمسلمين في إفريقيا نظرا للقواسم المشتركة مذهبيا وفقهيا، حيث اختار المغرب مدرسة منفتحة قادرة على استيعاب الاختلافات العرقية وقادرة على توحيد الجغرافية خارج السياسة. يذكر أن أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالموافقة المولوية السامية على طلب المجلس الإسلامي النيجيري وهيئة الإفتاء بنيجيريا والمتعلق بتكوين أئمة من نيجيريا بالمملكة المغربية. وقال بلاغ لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الصادر في هذا الشأن: "على إثر توصل مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس بطلب من المجلس الإسلامي النيجيري وهيئة الإفتاء بنيجيريا والمتعلق بتكوين أئمة من نيجيريا بالمملكة المغربية. تفضل مولانا الامام حفظه الله ونصره بالموافقة المولوية السامية على هذا الطلب المرفوع لمقام جلالته من فضيلة الشيخ الشريف الابراهيم صالح الحسيني ، رئيس هيئة الإفتاء والمجلس الإسلامي النيجيري، باسم العلماء وكذا الهيئات التي يرأسها في نيجيريا. كما تفضل حفظه الله بإعطاء أمره السامي بإخبار الجهة المعنية بهذه الموافقة المولوية على طلبها، وأمر حفظه الله وزير جلالته في الأوقاف والشؤون الإسلامية بدراسة الجانب الإجرائي والتطبيقي المتعلق بالاستجابة لهذا الطلب". إن وظيفة إمارة المؤمنين هي التي جعلت هؤلاء المسلمين يتجهون نحو المغرب طلبا للمساعدة، واختاروا المغرب بلد القرويين التي شكلت مدرسة تاريخية نابزت الجامعات الدينية في المشرق في القاهرةوبغداد حتى أصبح الإنتاج الفقهي المغربي يسمى عمل أهل فاس في مقابل عمل أهل بغداد، وإذا اختلفا رحج العلماء في العالم الإسلامي عمل أهل فاس.