عرفت جهة العيون - بوجدور - الساقية الحمراء، خلال السنوات الأخيرة، إطلاق العديد من البرامج التنموية الواعدة بوتيرة متسارعة، وذلك في إطار الدينامية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية للمملكة. وتعد جهة العيون- بوجدور-الساقية الحمراء من بين جهات المملكة التي سجل فيها أدنى معدل للفقر على المستوى الوطني? حسب معطيات للمندوبية السامية للتخطيط . وقد تحققت هذه المؤشرات الإيجابية بفضل العناية التي ما فتئ يوليها جلالة الملك محمد السادس لهذه الربوع من المملكة. وبفضل هذه المشاريع والمنجزات التنموية ارتقت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لساكنة جهة العيون خلال السنوات الأخيرة، وذلك من خلال تدعيم البنيات والتجهيزات الأساسية وإنشاء المقاولات والاهتمام بالعنصر البشري والمجال البيئي.
ومن بين أهم المشاريع التي تم إنجازها على مستوى الجهة تحديث وتطوير الموانئ وإطلاق مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتأهيل القطاعات الإنتاجية، وخلق فرص الشغل لفائدة الشباب. فبخصوص قطاع الصيد البحري? تم تعزيز التجهيزات التحتية لموانئ المرسى وطرفاية وبوجدور بالعديد من المنشآت الجديدة الهادفة إلى إعطاء دفعة قوية للنشاط الاقتصادي بالمنطقة واستثمار مؤهلاتها، حيث تم تعزيز التجهيزات والبنيات التحتية لموانئ الجهة بتدشين ميناء بوجدور الجديد، وهو من المنشآت الجديدة الهادفة إلى إعطاء دفعة قوية للنشاط الاقتصادي بالمنطقة واستثمار مؤهلاتها. ويلعب هذا المشروع المندمج، الذي خصص له غلاف مالي يبلغ حوالي 379 مليون درهم، والذي يندرج ضمن مخطط "أليوتيس" والمخطط الوطني لتطوير أنشطة الصيد الساحلي، دورا هاما في تحسين استقبال سفن وقوارب الصيد والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالجهة. ويمكن هذا المشروع الضخم، الذي يتكون من أرصفة عائمة لرسو قوارب الصيد وحوض لإصلاح القوارب وثمانية هكتارات من الأراضي المسطحة وسوق للسمك، من خلق العديد من فرص الشغل وتثمين الثروات البحرية.
وعلى غرار ميناء المرسى (إقليمالعيون) الذي تم توسيعه وتحديثه، تم إطلاق مشروع توسيع ميناء طرفاية الذي سيمكن من الانفتاح على التجارة الدولية للبضائع والركاب مع جزر الكناري وإعادة تأهيل الصيد التقليدي والساحلي، وهو مشروع واعد. وقد بلغت نسبة تقدم أشغال إنجازه حوالي 60 في المائة ويضم أشغال الجرف وإنجاز منشآت الحماية والرصيف.
ولإعطاء دفعة قوية للقطاع، يتم سنويا توزيع قوارب ومنح رخص الصيد التقليدي لفائدة الشباب بأقاليم العيون وبوجدور وطرفاية والسمارة، الذين تلقوا تكوينا نظريا وتطبيقيا ضمن برنامج التكوين الإدماجي في قطاع الصيد التقليدي، وهي مبادرة تهدف إلى تحسين القدرة الإنتاجية للمستفيدين من هذه العملية والمساهمة في الرفع من عائدات أنشطة الصيد البحري المزاولة بالمنطقة. وفي إطار الاهتمام بالعنصر البشري، مكنت مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بجهة العيون- بوجدور- الساقية الحمراء، خلال الفترة ما بين 2005 و 2013 من استثمار ما يناهز 336 مليون درهم في مختلف برامجها. وتبرز معطيات حول حصيلة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالجهة للفترة ما بين 2005 و2013 أن استثمارات المبادرة ساهمت في تمويل 881 مشروعا شملت برامج محاربة الفقر بالعالم القروي والإقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري ومحاربة الهشاشة والتهميش وتمويل البرنامج الأفقي على مستوى أقاليم العيون وبوجدور وطرفاية.
وتشير المعطيات ذاتها، إلى أنه تم خلال هذه الفترة إنجاز 475 مشروعا بإقليمالعيون بتكلفة إجمالية بلغت نحو 170 مليون درهم في مختلف مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وإنجاز حوالي 271 مشروعا بإقليم بوجدور بتكلفة إجمالية بلغت حوالي 137 مليون درهم، في حين تم إنجاز 161 مشروعا بإقليم طرفاية بتكلفة مالية بلغت حوالي 30 مليون درهم.
وقد ساهمت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كورش تنموي كبير أطلقه جلالة الملك محمد السادس في ماي 2005 على الصعيد الوطني، في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفئات الفقيرة بالجهة؛ وذلك من خلال ارتكازها على ثلاثة محاور أساسية، تهم التصدي للعجز الاجتماعي بالأحياء الحضرية الفقيرة والجماعات القروية الأشد خصاصا وتشجيع الأنشطة المدرة للدخل القار والمتيحة لفرص الشغل وكذا العمل على الاستجابة للحاجيات الضرورية للأشخاص في وضعية صعبة. وفي المجال البيئي وحماية الموارد المائية والوسط الطبيعي والمناطق الهشة، وضمن برامج وكالة الحوض المائي للساقية الحمراء ووادي الذهب للفترة ما بين 2013 و 2016، تم تخصيص 60 مليون درهم لتدبير الطلب على الماء وتثمينه وتنمية العرض وحماية الموارد المائية والوسط الطبيعي والمناطق الهشة، كما تم إنجاز مشاريع في إطار برنامج العمل الوطني لمحاربة التصحر الذي تم اعتماده منذ سنة 2001 والذي يرتكز على التخفيف من آثار الجفاف ومحاربة الفقر والمحافظة على الموارد الطبيعية والتنمية القروية المندمجة.
واستفادت الجهة من برامج مماثلة شملت محاربة التصحر وزحف الرمال وتحسين المراعي وخلق أحزمة خضراء والمحافظة على المياه والتربة وتثمين التنوع البيولوجي. فبحسب معطيات للمديرية الجهوية للمياه والغابات ومحاربة التصحر للجنوب، تم، من خلال هذه البرامج? تخليف 2700 هكتار من شجر الطلح منذ سنة 2005 ، ومحاربة زحف الرمال من خلال تثبيت الكثبان الرملية على مساحة 700 هكتار ، وخلق أحزمة خضراء حول المدن الكبرى والتجمعات السكنية على مساحة 720 هكتارا، فضلا عن إنجاز مشاريع تروم تثمين التنوع البيولوجي والمحافظة عليه.
وفي مجال التأهيل الحضري، عرفت جهة العيون، على غرار باقي جهات المملكة، استثمارات كبيرة تم إنجازها من قبل العديد من المتدخلين بهدف تعزيز البنيات العمرانية وتوفير السكن اللائق للمواطنين. وفي هذا السياق، بلغ الغلاف المالي لأهم الاستثمارات المدرجة في إطار اتفاقيات بين مجلس جهة العيون- بوجدور - الساقية الحمراء ووكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أقاليم الجنوب بالمملكة وشركاء آخرين، حوالي مليار و118 مليون درهم، وذلك خلال الفترة ما بين 2010 و2014. وعلى مستوى تأهيل البنيات التحتية الطرقية بالجهة، تم إطلاق العديد من المشاريع شملت أشغال توسيع وتقوية الطريق الوطنية رقم 01 الرابطة بين طرفاية وبوجدور، وهي مشاريع تهدف إلى الصيانة والمحافظة على الرصيد الطرقي وتحسين السلامة الطرقية، بحيث تم على مستوى الجماعة القروية الطاح (إقليم طرفاية) توسيع وتقوية الطريق الوطنية رقم 1 بين النقطتين الكيلومتريتين 1425 و1449 وذلك بتكلفة مالية بلغت أزيد من 26 مليون درهم.
وبالجماعة القروية أخفنير (إقليم طرفاية) تم توسيع الطريق الوطنية رقم 1 وذلك بين النقطتين الكيلومتريتين 1340 و1375 بتكلفة مالية بلغت أزيد من 40 مليون درهم، في حين تم رصد حوالي 47 مليون درهم خلال سنة 2013 لتقوية وتوسيع الطريق الوطنية رقم 1 الرابطة بين العيون وبوجدور. وإذا كانت هذه المشاريع التي تم إطلاقها بالجهة قد ساهمت في ضمان فرص الشغل لفائدة الشباب ومواكبة النمو الديمغرافي لساكنة الأقاليم الجنوبية، فقد تم وضع نموذج تنموي جديد بالأقاليم الجنوبية، ومن بينها جهة العيون- بوجدور- الساقية الحمراء، يروم تعزيز المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية ويتجاوز الإكراهات. وستمهد هذه المقاربة التنموية الجديدة، التي أعدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتعليمات من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الطريق لجهوية موسعة وحكامة محلية تستجيب لتطلعات الساكنة وتعترف بهوية وخصوصية المنطقة.