كم يشبه الأمس باليوم، بالنسبة لبعض أقزام الصحافة الوطنية، الذين ظلوا يتسولون قرب أسوار كثير من الأنظمة العربية، قبل أن يجدوا أنفسهم مرميون في مزبلة التاريخ، بلا رصيد أخلاقي أو ثقافي أو حتى معرفي، وكم تحن الأقزام التي ورثت الكبت الجنسي من أنظمة دكتاتورية ظلت تخدمها صباح مساء، قبل أن تتوراى تلك الأنظمة وتخلف وراءها أيتاما من قبيل قزم الصحافة علي أنوزلا، الذي طلب اللجوؤ إلى الصحافة الإلكترونية بعدما أعياه التسول ومد يده لكل طالب خدمة. القزم أنوزلا، أشبه بثلاجة تعمل بالغاز، سرعان ما تتلف بضاعته، لأنه لا يحسن تبريدها، لتتحول إلى سلعة فاسدة، ما أن تشم رائحتها حتى تصاب بالغثيان.
القزم الذي تخيل نفسه ذات يوم من أيام التاريخ عملاق في الكتابة الصحافية وجد نفسه دون سابق إعلان مجرد صفر على الشمال لا يجد من ينتشله من ذلك القمقم الكبير الذي وضع نفسه فيه، ليس باختياره ولكن بقرار من أولياء نعمته الذين تعودوا منه السمع والطاعة، وتعود منهم أن يعطفوا عليه أول كل شهر، ليجد ما يلج به تلك الحانات الحقيرة التي يتجول فيها كل مساء بحثا عن إشباع غريزة جنسية مكبوتة. قزم الصحافة الذي حول موقعه إلى ماخور كبير ترمى فيه فضلات من عافهم الضبع، وجد ضالته في سرد تلك الأحجيات التي لا يعرف معناها إلا هو ومن يبصقون على مؤخرته، وهو الذي أعيته هرولاته في اتجاه أي شيء، المهم أن يجد صدى ما يكتبه عند رؤسائه والذين ليسوا سوى حكام الجزائر وتابعيهم في البوليساريو.
حين مات القذافي تلك الميتة المشهورة، لم ينم قزم الصحافة، وواصل ليله بنهاره، كانت تنتابه تلك الكوابيس التي تأتي في غفلة من الزمن لتصفع أولئك الخونة، الذين وضعوا أنفسهم في خدمة الجلادين، قبل أن يقرروا في لحظة خوف تغيير جلدهم والإنخراط في كوكبة الشعب، ولأن للتاريخ وجه واحد لا يمكن تغييره، فلم تسعف كل تلك المساحيق التي صبغ بها وجهه، في تغيير تلك الصورة القبيحة التي التصقت به، صورة مكبوت جنسي، استلذ من الجهتين على قول أبو نواس، نكحت واستنكحت وذقت اللذتين.
البراد الذي تحدث عنه القزم في عموده، وهو يحاول أن يفسر لأحد المصريين طبيعة المخزن المغربي، لا يشبه في شيء تلك الهدايا الثمينة التي ظل يحصل عليها من كل تلك الأنظمة العربية الديكتاتورية، التي ما أن تهاوت حتى استفاق القزم من غفوته باحثا عن هوية جديدة وبطاقة تعريف جديدة، فلم يجد من وسيلة سوى التهجم على النظام المغربي عله يطهر نفسه الملوثة، لكنه نسي أو تناسى في قمة انشائه الأحمر، أن التاريخ لا ينسى، وأن ما اقترفته يداه من سوء لا زال باديا للعيان، لا يمكن أن تمحوه تلك الأحجيات التي عفى عنها الزمن وتحولت إلى مجرد فعل كولسة، يوفر بها القزم أنوزلا ما يسمح له بالحصول على الخمر الذي ينسيه خيباته، وافتقاده إلى مجالسة من كانوا يذبحون شعوبهم، فيجدون فيه وفي أمثاله تلك الشرذمة التي تجيز لهم ما يقومون به من أفعال ينجى لها جبين أي عربي ومسلم.