كتب مركز التفكير الأمريكي (فوريين بوليسي ريسيرتش إنستيتيوت)، اليوم الجمعة، أن الاستراتيجية التي وضعها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لمكافحة آفة الإرهاب والتطرف الديني، اللذين يهددان مجالا جغرافيا يشمل غرب إفريقيا والساحل، تتميز بحق ب "جرأتها" و"رؤيتها الثاقبة". وأبرز هذا المركز الأمريكي المرموق، في مقال تحليلي بعنوان (المغرب، مكافحة الإرهاب وقمة الولاياتالمتحدة-إفريقيا)، أن المقاربة الملكية "تشكل عماد تحالف إقليمي ملتزم بالمهمة النبيلة المتمثلة في هزم الإسلاميين المتشددين، الذين ينشطون بشمال مالي، وحماية هذا البلد المستهدف من قبل الجماعات الإرهابية".
ويتعلق الأمر ب "نقطة تحول كبرى" تدل على يقظة واستعداد المملكة للاضطلاع بمسؤولياتها الإقليمية في وقت تتنصل فيه الجزائر من التزاماتها، كما تؤكد، في السياق ذاته، أن كل استراتيجية لمكافحة الإرهاب دون الدعم الحاسم من المغرب سيكون مصيرها الفشل".
وقال كاتب المقال، أحمد الشرعي، ناشر وعضو مجلس إدارة العديد من مراكز التفكير الأمريكية، ومن بينها (فوريين بوليسي ريسيرتش إنستيتيوت)، أن هذه المقاربة تدعمها استراتيجية تجمع بين الجوانب العسكرية والاقتصادية والدينية، مذكرا، في هذا السياق، بأن المغرب استضاف في فبراير الماضي المؤتمر الوزاري الإقليمي الثاني حول أمن الحدود، الذي شارك فيه وزراء خارجية ما لا يقل عن 19 بلدا، من بينهم فرنسا.
وعلى الصعيد الاقتصادي، ذكر المقال التحليلي بالشراكات المتينة وذات المنافع المتبادلة التي أقامتها المملكة بالقارة الإفريقية، مشيرا في هذا الصدد إلى اقتناء التجاري وفا بنك لغالبية أسهم رأسمال البنك الدولي لمالي في إطار مقاربة خلاقة لدعم القطاع البنكي الواعد بهذا البلد.
ولاحظ (فوريين بوليسي ريسيرتش إنستيتيوت) أنه "في الوقت الذي لا ترى فيه المصارف الغربية سوى المخاطر، تمد البنوك المغربية اليد لهذه الفرصة"، مضيفا، في السياق ذاته، أن المكتب الشريف للفوسفاط كثف من أنشطته بمالي. إنه التزام اقتصادي متضامن أسفر عن إطلاق دينامية ماكرو اقتصادية حميدة ترجمت على أرض الواقع بتحفيز النمو الاقتصادي، الذي يعمل بدوره على تجفيف المنابع التي تغذي التطرف الإسلاموي.
وتابع المقال التحليلي أن الالتزام على صعيد الحقل الديني الذي يقوم على رؤية تسودها قيم الإسلام المتسامح تماشيا مع مبادئ المذهب المالكي، فيشكل جانبا رئيسيا آخر من استراتيجية جلالة الملك لمكافحة آفة الإرهاب، مبرزا أن جلالة الملك، بصفته أمير المؤمنين، وسليل الدوحة النبوية الطاهرة، يعتبر رمزا للاعتدال وقيم الوسطية في كل مناحي الحياة.
وخلص (فورين بوليسي ريسيرتش إنستيتيوت) إلى أنه "كما كان الشأن خلال الحرب الباردة، تعتبر مكافحة الإرهاب حرب أفكار، وهو بعد يتعين أن يكون موضع اهتمام خاص خلال قمة الولاياتالمتحدة إفريقيا، المرتقبة في غشت المقبل"، مشيرا إلى أن المغرب قدم، بهذا الشأن، استراتيجية أثبتت نجاعتها على أرض الواقع.