أشادت شخصيات من مختلف المشارب، أول أمس الأحد بمدينة ميلانو، بجلالة المغفور له الملك محمد الخامس الذي أنقذ ب"موقفه الشجاع وتبصره" حياة آلاف اليهود المغاربة إبان الحرب العالمية الثانية. وأكد المشاركون في لقاء نظم بمناسبة الاحتفال بيوم الذاكرة تحت شعار "ذاكرة المستقبل"، ومن بينهم دبلوماسيون وسياسيون ورجال دين وشخصيات من عالم الثقافة ويهود مغاربة، أن جلالة المغفور له محمد الخامس كتب بموقفه هذا إحدى أكثر الصفحات إشراقا في التاريخ المعاصر للمغرب.
وذكروا، بهذه المناسبة، برفض جلالته القاطع اعتماد قوانين معادية لليهود خلال عهد نظام فيشي، وكذا رفضه تسليم لائحة للمواطنين المغاربة المنتمين للطائفة اليهودية للماريشال بيتان.
وقدم القنصل العام للمغرب بميلانو محمد بنعلي، في مداخلة بعنوان " عادلو الإسلام.. المسلمون الذين أنقذوا اليهود إبان الحكم النازي"، لمحة تاريخية حول الحضور اليهودي في المغرب، مذكرا بأن المغاربة المنتمين للطائفة اليهودية كانوا يعتبرون دائما مواطنين ومنتخبين ومؤهلين.
وأكد أنهم "يشكلون مكونا ديمغرافيا وثقافيا ودينيا في المجتمع المغربي. فعشية استقلال المغرب سنة 1956 ، كان هناك مئات الجاليات اليهودية في البلاد، يمثلون ساكنة إجمالية تقدر بحوالي 280 ألف شخص ويشكلون بذلك أهم كيان يهودي في العالم الإسلامي"، مشيرا إلى أن عددهم اليوم لا يتعدى حوالي ثلاثة آلاف شخص يمارسون بحرية شعائرهم الدينية من خلال ارتياد 40 معبدا توجد في المغرب، تم مؤخرا ترميم واحد منها في المدينة العتيقة بفاس يرجع تاريخ تشييده إلى القرن ال 17 .
وأضاف أنه من الصائب في هذه المناسبة تكريم "العادلون في الأمم" الذين استطاعوا بشجاعتهم النموذجية أن ينتفضوا ضد هذه الجريمة النكراء من خلال السعي بكل الوسائل إلى حماية وإنقاذ عائلات بأكملها من الإبادة.
وذكر بنعلي في هذا السياق بنموذج جلالة المغفور له محمد الخامس وملك الدنمارك الذي حمل النجمة الصفراء، والدبلوماسي السويدي راؤول والنبورغ والقساوسة والراهبات وبعض البدو وأناس شجعان من جميع الديانات الذين قاموا بما في وسعهم بشجاعة وقناعة كبيرة لإرضاء ضمائرهم.
وذكر القنصل العام نقلا عن كتابات للأمين العام لمجلس الطوائف اليهودية بالمغرب سيرج بيرديغو، بأنه وبفضل تمتعهم بالحماية المطلقة للسلطان، فإن اليهود المغاربة لم يتعرضوا للاحتجاز في معسكرات الاعتقال النازية لكون السلطان رفض على الدوام إجراءات فيشي المعادية لليهود.
ونقل القنصل عن بيرديغو "إن (الملك الراحل) استضاف خلال عيد العرش لسنة 1941 مجموعة من الأعيان اليهود الذين أجلسهم بشكل ظاهر بالقرب من مسؤولين رسميين فرنسيين وأعضاء لجنة الهدنة الألمانية الذين كانوا في حالة صدمة"، مضيفا أن "جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، الذي كان محاطا بحاخامات وأعيان يهود، صرح للصحافيين "لا أوافق بتاتا على القوانين الجديدة المعادية لليهود وأرفض أن أشارك في اتخاذ إجراء أعارضه. أود إخباركم أنه وكما هو الحال في الماضي، سيظل اليهود تحت حمايتي وأرفض أن يتم أي تمييز بين رعاياي".
ولاحظ بيرديغو "لذلك، فإن اليهود المغاربة يحترمون بشكل كبير جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، الملك العادل، الذي أنقذهم من براثن النازية والمحرقة" .
وتواصلت أشغال هذا اللقاء في إطار مائدة مستديرة حول موضوع "الثقافات المتنوعة كمضادات للعنصرية".