أكد أندري أزولاي، مستشار صاحب الجلالة، أن جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، باعتراضه على قوانين فيشي العنصرية "منح كل واحد منا القدرة والشرعية، اللتين تمكناننا من الإعلاء في العالم بأسره، من شأن قيم الشجاعة والحرية والإنسانية والحداثة، التي يرغب الكثير منا في ترسيخها في عمق المجتمع المغربي". وقال أزولاي، في كلمة خلال مؤتمر نظمه أول أمس الأربعاء، بإفران، نادي ميمونة بجامعة الأخوين، حول سياسة الراحل جلالة المغفور له محمد الخامس على المستوى الدولي، إن الأشخاص، الذين عايشوا تلك الفترة ومازالوا على قيد الحياة، يستطيعون أن يؤكدوا فضل المغرب عليهم، ويبرزوا "راهنية وانسجام واستمرارية اختيارات المغرب، منذ الموقف النموذجي، الذي اتخذه جلالة المغفور له الملك الراحل محمد الخامس، وإلى غاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس من خلال الدستور الجديد، الذي جرى التصويت عليه في فاتح يوليوز 2011، والذي يرسخ من خلال ديباجته التاريخية ثراء وتنوع المكونات الروحية والثقافية التي تصقل هوية كل واحد منا". وقال إنه في الوقت الذي كانت أوروبا فريسة للوحشية النازية، فإن المغرب وبلدانا أخرى بالضفة الجنوبية للمتوسط، كانت تنبعث منها شعلة الحرية والأمل . من جهته، قال سيرج برديغو، الكاتب العام للطائفة اليهودية بالمغرب، إن اليهود المغاربة، الذين كانوا يحظون بالحماية الكاملة للسلطان، لم يجر احتجاز أي منهم في مخيمات الاضطهاد، مذكرا بأن جلالة المغفور له كان دائما يعارض الإجراءات المعادية لليهود في "فيشي". وأضاف أن الملك الراحل محمد الخامس وجه الدعوة خلال عيد العرش لسنة 1941، إلى الأعيان اليهود، الذين خصصت لهم أماكن على مقربة من الضباط الفرنسيين، وأفراد من لجنة الهدنة الألمانية. وقال جلالة المغفور له محمد الخامس، الذي كان محاطا آنذاك بالحاخامات والأعيان اليهود، في تصريح للصحافة "لا أوافق بتاتا على كل القوانين الجديدة المعادية لليهود، وأرفض تبني أي إجراء أعارضه. أود إطلاعكم أنه وكما في السابق، فإن أفراد الطائفة اليهودية سيظلون تحت حمايتي وأرفض أن يكون هناك أي تمييز بين رعاياي". وقال برديغو إنه لهذا السبب يكن اليهود المغاربة تقديرا كبيرا لجلالة المغفور له محمد الخامس، "المدافع عن الحق بين الأمم، لأنه حماهم من النازيين ومن المحرقة". وأشار إلى أن والده لطالما روى له بتأثر كبير قصة النجوم الصفراء، وأوضح أنه "عندما أخبر الجنرال نوغيس السلطان بأنه جرى إعداد 200 ألف نجمة صفراء ليحملها اليهود قصد تمييزهم عن باقي السكان، أجابه هذا الأخير بأنه يتعين إعداد خمسين نجمة أخرى له ولعائلته". ومن جانبه، أكد شمعون ليفي، الأمين العام لمؤسسة التراث الثقافي اليهودية- المغربية، أن جلالة المغفور له محمد الخامس، أثبت فعلا، وعلى عكس ماكان يريده الفرنسيون، أنه رجل الاستقلال. كما تطرق إلى وضعية اليهود المغاربة في عهد نظام فيشي، وكذا إلى رد فعل جلالة المغفور له محمد الخامس، الذي رفض القوانين التعسفية المناهضة لهم، التي فرضتها سلطات الحماية. وأبرز أنه كان شاهدا على الكثير من الأحداث والقرارات العنصرية المعادية للسامية، التي استهدفت اليهود المغاربة (الإهانات وسوء المعاملة والطرد من المدارس). وتابع الحضور عروضا أخرى حول صعود النازية في أوروبا، وشهادة حية مؤثرة لإليزابيث سيترون، وهي إحدى الناجين من المحرقة، والبالغ عمرها الآن 80 سنة. وروت كيف جرى إيقافها سنة 1940، عندما كانت تبلغ من العمر 10 سنة، رفقة والدتها وجدتها برومانيا، ليجري ترحيلهن إلى معسكر الاعتقال (أوشفيتز) في ألمانيا النازية، وفي مخيمات أخرى، إلى حين وصول الأمريكيين سنة 1944 إلى النمسا. وروت للحضور بعضا من الأحداث التي واكبت اعتقالها، وعددا من "الأشياء الصغيرة"، التي مكنتها عدة مرات من تجنب غرف الغاز والقتل في مجموعة من مخيمات الاعتقال في ألمانيا وغيرها. وجرت برمجة مجموعة من الأنشطة الثقافية والموسيقية، وأخرى في فني الطبخ اليهودي والمغربي، خلال هذه الدورة الثالثة للأيام اليهودية- المغربية، بنادي ميمونة، التي تواصلت أمس الخميس، في الدارالبيضاء، بتنظيم زيارة إلى المتحف اليهودي- المغربي، وندوة حول الموضوع نفسه، وأمسية مع فانيسا بالوما، العازفة والكاتبة.