خصصت مجلة الفرقان الإسلامية ملفها الشهري لما يسمى "الثورة المضادة"، وتولى الكتابة فيه قادة حزب العدالة والتنمية والتوحيد والإصلاح، وعلى رأسهم محمد يتيم، الذي يعتبر أحد منظري الحركة منذ تأسيس الجماعة الإسلامية سنة 1981 والتي ترأسها، قبل أن يأخذها منه بنكيران سنة 1985 باعتباره مؤسسها الفعلي وظل هو الكاتب الخاص لبنكيران يدبج مقالاته وخطاباته قبل أن يتولى هذه المهمة مصطفى الخلفي واستمر فيها حتى وهو يشغل منصب وزير للاتصال، كما كتب فيه أحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، الذي يعاني من عقدة وصفه بالغبي من طرف الدكتور الخطيب أثناء حديثه عن إمارة المؤمنين وكتاب آخرون بالإضافة إلى مدير المجلة الذي يحتاج إلى تعريف خاص. وبما أن الملف فارغ لابد من مدخل شكلي لمعرفة الخلفية من ورائه. فمجلة الفرقان تأسست سنة 1984 من طرف محمد زحل، وهو أحد شيوخ السلفية الذي استغله بنكيران للترويج لأفكاره وإقناع أتباع الشبيبة الإسلامية قصد الانضمام إلى حركته الوليدة، وكان يترأس تحريرها سعد الدين العثماني الذي كان آنذاك طالبا بدار الحديث الحسنية، والهدف من تأسيسها هو أن تكون رديفا للحركة الوليدة وأن تكون مجالا للتأصيل للجماعة الإسلامية. أما مديرها اليوم فهو امحمد طلابي، هذا الشخص أُصيب بلوثة المراهقة الوهابية المتأخرة جدا. فأن تكون وهابيا في العشرينات من عمرك قد نجد لك العذر في كونك تبحث عن أجوبة لإشكالاتك النفسية. لكن أن يتحول يساري إلى الوهابية فتلك قمة الحمق والجهالة.
فامحمد طلابي كان عضوا في اللجنة الوطنية (المكتب السياسي) لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي الماركسية اللينينية، وعندما حول وجهته نحو الفكر الإسلامي تقليدا للكاتب الفلسطيني منير شفيق وجد ضالته في الوهابية والفكر الوهابي، وأصبح رسولا لحركة التوحيد والإصلاح، التي دخلها قياديا من البداية، لدى التنظيم الدولي للإخوان المسلمين خصوصا في جناحه الآسيوي من خلال منتدى الوسطية ولهذا يقوم برحلات مكوكية نحو باكستان.
هذه هي التصنيفة والتوليفة التي تريد التنظير ل"الربيع العربي" واستشراف مستقبل "البلدان العربية". إن ما قامت به مجلة الفرقان هو مجرد تقديم خدمة أكاديمية لنظرية الفوضى الإسلامية، التي تتبناها حركة التوحيد والإصلاح والتي يتم التغطية عليها بشعار الإصلاح في ظل الاستقرار.
فالعنوان الجوهري لملف العدد هو ما روج له عبد الإله بنكيران بشكل مبتذل حول العفاريت والتماسيح. فهذه الكائنات الأسطورية حملت اليوم عنوانا مقبولا من الناحية الأكاديمية والعلمية ألا وهو الثورة المضادة. ومفهوم الثورة المضادة يتكشف بعد الاطلاع على ملف مجلة الفرقان. فهو ليس سوى الدولة وبنياتها الأساسية. بمعنى أن القضاء على الثورة المضادة لن يكون إلا عن طريق تدمير بنية الدولة.
وقد اختار الريسوني اللمز عن طريق انتقاد نظام السيسي مدعيا أن ما حدث ليس ثورة شعبية وإنما انقلاب على الإخوان المسلمين، الذين كانوا ديمقراطيين ولم يسعوا لأخونة الدولة. أما الطلابي فقد قال في افتتاحية المجلة "إن الثورة السياسية تبغي هدم بنيات النظام السياسي العربي المتهالك وإقامة نظام جديد يستجيب ل(طوبى) المواطن العربي من المحيط إلى الخليج". وأضاف "أن الانتصار على الدولة العميقة هو المهمة الأكثر صعوبة في الربيع العربي للعبور بأمتنا المجيدة نحو الديمقراطية والتنمية".
لقد أفصحت الحركة إذن عن نزعتها الدفينة في القضاء على مؤسسات الدولة.