مرة أخرى يتعرض التواطؤ المؤكد ل"البوليساريو" مع المجموعات الإرهابية المتواجدة بمنطقة الساحل والصحراء، وخاصة تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي، للفضح من قبل الباحث الأرجنتيني أدالبيرتو كارلوس أغوزينو، الذي صدر له مؤخرا عن دار النشر الأرجنتينية (دوسيونا إديسيونيس أرخينتيناس) مؤلف بعنوان "جيوبوليتيكا ديل ساهرا اي ساحل" (جيو-سياسة منطقة الصحراء والساحل). ويقول الأستاذ كارلوس أغوزينو، في مؤلفه الذي تم تقديمه مساء أول أمس، في حفل نظم بالمجلس الأرجنتيني للعلاقات الخارجية ببوينوس أيريس، إن العديد من المعلومات المستقاة من مصادر بمنظمة حلف شمال الأطلسي تؤكد تواطؤ "البوليساريو" مع تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي ومع الشبكات التي تتعاطى تهريب مخدر الكوكايين من أمريكا اللاتينية.
وأضاف الكاتب، الذي هو أيضا مدير كرسي المملكة المغربية بمعهد الدراسات الإفريقية بجامعة جون كينيدي ببوينوس، أن هناك دلائل على ضلوع "البوليساريو" في عملية اختطاف أجانب بالمنطقة وتسليمهم بمقابل إلى عناصر تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي الذين يتفاوضون حول الإفراج عنهم بفدية.
ولتأكيد اتهاماته للانفصاليين ذكر الباحث الأرجنتيني بتورط عضو "البوليساريو" عمر ولد سيدي أحمد ولد حمه، المدعو عمر الصحراوي، في عملية الاختطاف التي استهدفت، في شهر نونبر 2009، بإحدى المناطق الواقعة تحت مراقبة الانفصاليين، ثلاثة ناشطين بإحدى المنظمات غير الحكومية تم تسليمهم إلى تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي الذي كان يتزعمه آنذاك المدعو المختار بالمختار.
وأكد أنه، إضافة إلى عمر الصحراوي، الذي أدانه القضاء الموريتاني بكونه المتهم الرئيسي في عملية الاختطاف المذكورة، هناك حوالي عشرين من أعضاء الجهاز العسكري ل"البوليساريو" متورطون في هذه القضية من خلال تقديم الدعم للأعمال الإرهابية التي يقوم بها تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي، وذكر من بين هؤلاء المدعوون محمد علي ولد الركيبي، ومحمد سالم حمود، ونافي ولد محمد مبارك.
وأضاف مؤلف الكتاب، الهادف إلى إطلاع القراء بأمريكا اللاتينية على المشاكل العويصة لمنطقة الساحل التي أصبحت ملجأ للمجموعات التابعة لتنظيم "القاعدة" وشبكات تهريب المخدرات والأسلحة والتبغ، أن المدعو عمر الصحراوي أقر، خلال محاكمته، بتلقيه 10 ملايين فرنك إفريقي (حوالي 15 ألف أورو)، على دفعتين من المختار بالمختار من أجل القيام بعملية الاختطاف.
كما ذكر الباحث الأرجنتيني بمشاركة مرتزقة "البوليساريو"، في سنة 2011، في الحرب في ليبيا إلى جانب قوات معمر القذافي ضد المتمردين، وكذا بالاعتداءات الإرهابية التي قام بها الانفصاليون ما بين سنتي 1975 و1986 ضد سفن الصيد الإسبانية والتي قتل فيها العديد من أفراد أطقم هذه السفن.
وبعد أن أوضح، استنادا إلى الجمعية الكانارية لضحايا الإرهاب، أن هذه الاعتداءات استهدفت ستين سفينة إسبانية وخلفت مقتل 289 بحارا، ذكر الأستاذ كارلوس أغوزينو أيضا بقيام مسؤولي الانفصاليين بالاستيلاء على المساعدات الممنوحة لسكان مخيمات تندوف، ملاحظا أن تورط الانفصاليين في أنشطة إجرامية (تهريب المخدرات والتبغ واختطاف الأجانب...) يؤشر على التفكك الخطير الذي يشهده "البوليساريو".
وأشار الباحث الأرجنتيني، في هذا السياق، استنادا إلى المدعو أحمد فيليب، وهو مسؤول سابق ب"البوليساريو" عاد إلى المغرب سنة 2010، أن قادة الانفصاليين يقومون بمقايضة المساعدات المقدمة من طرف المنظمات الإنسانية الأوروبية بالأسلحة والمال والمخدرات، ولا يتوانون في اللجوء إلى الدعاية المغرضة، من خلال تضخيم عدد السكان المحتجزين بمخيمات تيندوف بالجزائر، بهدف الحصول على مزيد من المساعدات الإنسانية.
ولدى استعراضه لظروف ظهور نزاع الصحراء، أكد الباحث الأرجنتيني أن "الجمهورية الصحراوية" المزعومة مجرد كيان وهمي من مخلفات الحرب الباردة يتوقف بقاؤه على ما تقدمه له الجزائر من دعم متعدد الأشكال، مشددا على أن هذا الكيان المصطنع يشكل تهديدا للاستقرار والسلام في المنطقة كما أكدت ذلك مشاركة مليشيات "البوليساريو" في الحرب في كل من ليبيا ومالي.
وأشار، في هذا السياق، إلى أنه سبق لريشار منيتير، وهو مستشار في شؤون قضايا الإرهاب لدى العديد من قنوات التلفزيون الأمريكي، والذي قام بالعديد من الزيارات للمنطقة، أن أعرب عن أسفه لظروف العيش القاسية لسكان مخيمات تيندوف بالجزائر، مؤكدا أن هؤلاء "لا يحلمون إلا بالعودة إلى الوطن الأم، المغرب".
وبحسب الخبير الأمريكي، يقول الباحث الأرجنتيني، فإن قادة "اليوليساريو" وخاصة منهم زعيمهم محمد عبد العزيز، "لهم مصالح اقتصادية في استمرار الوضع على ما هو عليه على حساب ساكنة المخيمات التي تعيش ظروفا قاسية ".
وأضاف الأستاذ كارلوس أغوزينو أن منظمة العفو الدولية سبق لها، من جهتها، أن نددت مرارا بالوضع اللاإنساني في مخيمات تيندوف، ودعت بإلحاح إلى وضع حد للإفلات من العقاب الذي يستفيد منه قادة "البوليساريو" المتهمون باقتراف انتهاكات لحقوق الإنسان في مخيمات تيندوف سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، كما ذكرت باعتقال مصطفى سلامة ولد سيدي مولود من طرف مسؤولين من "البوليساريو" لا لشيء إلا لكونه أعرب عن تأييده لمخطط الحكم الذاتي المقترح من طرف المغرب.
ولاحظ الأستاذ كارلوس أغوزينو أن سكان المخيمات لم يتم قط طلب رأيهم حول ما إذا كانوا يفضلون البقاء تحت المراقبة المفروضة عليهم من طرف "البوليساريو" أو العيش في ظروف أحسن في ظل نظام حكم ذاتي موسع تحت السيادة المغربية.