أثار مشروع قانون المالية لسنة 2014 الذي شرعت لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية بمجلس المستشارين اليوم الإثنين، في مناقشته ردود فعل متباينة تراوحت بين معارضة اتفقت على انتقاد مضامينه وأغلبية أعلنت دعمها له بالرغم من اختلافها في قراءة توجهاته الكبرى. وهكذا، اعتبرت فرق المعارضة بمجلس المستشارين خلال الجلسة الأولى من المناقشة العامة، أن المشروع يفتقد إلى الرؤية السياسية التي بإمكانها أن يتأسس عليها عمل تنموي وأنه لم يتضمن أية إجراءات لإنعاش الاقتصاد وتشجيع المقاولات الصغرى، مضيفة بأنه مشروع يجهز على القدرة الشرائية من خلال العديد من التدابير الرامية إلى تجميد الترقية وتقليص نفقات المقاصة، والتي من شأنها المس بالقدرة الشرائية للمواطنين.
وانتقدت فرق المعارضة كون إعداد مشروع قانون المالية تم استنادا إلى مقتضيات قانون تنظيمي للمالية أصبح متجاوزا ولا يساير منطوق الدستور الجديد ل 2011، مبرزة أن الفرضيات التي جاء بها المشروع سواء على مستوى نسبة العجز أو معدل النمو غارقة في التفاؤل ولا تأخذ بعين الاعتبار الظرفية التي يعرفها المغرب.
وأشارت المعارضة إلى أن المشروع اعتمد نفس التدبير الموازناتي الذي كان معمولا به في السابق، والذي كان محط انتقاد بعض مكونات الحكومة الحالية، معتبرة أن الحكومة عجزت على مستوى إقرار إصلاح جبائي على أساس العدالة الجبائية وإصلاح منظومة الأجور ومحاربة الريع ومواجهة اختلال الميزان التجاري وإصلاح أنظمة التقاعد والمقاصة.
من جانبها، أجمعت بعض مكونات الأغلبية على أنه يتعين الأخذ بعين الاعتبار الظروف التي تم فيها إعداد مشروع قانون المالية، والتي عرفت أزمة سياسية امتدت لشهور عقب خروج حزب الاستقلال، أحد مكونات الأغلبية السابقة، من الحكومة وانضمامه للمعارضة وهو ما أثر على الإعداد الجيد لهذا المشروع. غير أن الأغلبية التي أعلنت دعمها للمشروع لم تتحدث بلغة واحدة حول توجهاته الكبرى، بحيث اعتبر فريق التجمع الوطني للأحرار أنه يصعب على المشروع الاستجابة لكافة تطلعات الشعب المغربي والمحافظة على نفس التوازنات الاقتصادية والمالية، مشيدا بكون الحكومة اعتمدت مبدأ الشفافية والمصداقية في إعطاء الأرقام واعتماد الحكامة الجيدة في التدبير عبر التقليص من المصاريف الثانوية وإلغاء العديد منها، والذي مكن من ضبط الميزانية.
وأشار إلى أن هناك تقدما ملموسا على مستوى إشكالية تنفيذ الميزانية، داعيا الحكومة إلى إعادة ترتيب الأولويات والابتعاد عن المعارك الهامشية والإسراع في استكمال البناء المؤسساتي وفي اعتماد كل ما من شأنه تخليق الثروة ودعم الإنتاج. من جانبه، اعتبر فريق التحالف الاشتراكي أن الميزانية تقدمت بحذر شديد على اعتبار أن هامش المناورة بدأ يضيق، معتبرا أنها تسير في نفس التوجهات التي تأخذ الإصلاحات بمقياس غير كامل وذلك نتيجة لتراكمها منذ سنوات، متسائلا عن الدور الذي يقوم به القطاع الخاص في ظل تفاقم الاختلالات الاقتصادية.
وبعد أن دعا إلى مراجعة البرنامج الحكومي ليكون متجاوبا مع التوجهات الملكية وبصفة خاصة في قطاعات التعليم والقضاء والتشريع والوحدة الترابية للمملكة، أكد أنه يتعين أيضا إعادة النظر في النموذج التنموي للمغرب الذي أصبح برأي فريق التحالف الاشتراكي متجاوزا، مستدلا على ذلك بالتقرير الذي قدمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بخصوص محدودية النموذج التنموي في الأقاليم الجنوبية.