أفاد آخر تقرير مالي تصدره الخزينة العامة للمملكة، أن جاري المديونية الداخلية للمغرب، بلغ عند متم شهر شتنبر المنقضي أكثر من 405 مليار من درهم. مسجلا بذلك ارتفاعا ب 13.1بالمائة عن مستواه مع متم السنة الفارطة، التي لم يكن يتجاوز خلالها رقم 358مليار درهم. ما يؤشر على اقتراض الخزينة العامة ما يربو عن 47 مليار درهم خلال فترة لاتتجاوز 9 أشهر، في مقابل 34 مليار درهم من الدين الداخلي كانت اقترضها الخزينة خلال العام المنصرم. ويشير مشروع قانون المالية لسنة 2014 إلى اعتزام الحكومة اقتراض أكثر من 64 مليار درهم، منها 40 مليار، درهم تتم استدانتها من السوق الداخلية 24 مليار من الخارجية. ما يعني بحسب محللين، أن مديونية البلاد العمومية، ستقفز إلى مستوى غير مسبوق لتصل نسبتها من الناتج الداخلي الخام أزيد من 57 بالمائة. وهو رقم يثير عدة علامات استفهام حول اقتراب بلادنا من عتبة مخاطر المديونية المحددة دوليا في 60 بالمائة من الناتج الداخلي الخام.
كما بلغت الاعتمادات المسجلة برسم خدمة الدين العمومي، والتي تشمل تسديد أصل الدين وتسوية الفوائد والعمولات، في مشروع القانوني المالي لسنة 2014، 57 مليار و 310 مليون 929 ألف درهم. مقابل 39 مليار د و 26 مليون و 166 ألف درهم برسم سنة 2013، أي بزيادة قدرها أكثر من 18 مليار درهم وما نسبته، 45.96 بالمائة.
و جاء في المذكرة التقديمية للمشروع، أن الحكومة الحالية تتعهد بالحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن المغربي وتنافسية المقاولات المغربية في حدود الاعتمادات المالية المأذون بها في قانون المالية. فضلا على العمل لضمان ديمومة أنظمة التقاعد ودعم الاستثمار العمومي.
وحول ضمان استقرار الموجودات الخارجية والتحكم في عجز الميزانية من التدابير الرامية لدعم الصادرات وضبط الواردات إضافة إلى تعبئة احتياطي العملات. وتعبئة الموارد وتوفير الهوامش الممكنة على مستوى النفقات للحد من تفاقم عجز الميزانية وضمان استدامة المالية العمومية على المدى المتوسط.
وهو ما يشكك فيه عدد من المحللين الاقتصاديين، مثل ذ. عثمان كاير أستاذ الاقتصاد بجامعة المحمدية، الذي يرى في هذا الصدد، أن الوضعية المتأزمة التي تشهدها مديونية المغرب، ناجمة بالأساس عن عدم مباشرة الحكومة للإصلاحات المهيكلة، التي كان من المفروض الشروع فيها منذ مدة، مثل إصلاح صندوق المقاصة، مضيفا في اتصال معه أن المغرب ينحو بشكل جلي في اتجاه الرفع من المديونية، وارتفاع خدمة الدين، التي تحد من خدمات التنمية وتقلص من فرص الاستثمار العمومي، الأمر الذي يتسبب في اختناق المالية العمومية وضعف مداخيل الدولة. ما يطرح السؤال حول إشكالية غياب الابتكار والإبداع في تنويع الحلول لدى الحكومة.
واعتبر نفس المحلل الاقتصادي، أن الحكومة دأبت على اللجوء إلى الحلول السهلة، متمثلة في الاقتراض وتقليص نفقات الاستثمار العمومي، مشددا على أن ما ينقص الحكومة، هو الجرأة والقطع مع السلوكات المترددة في التعاطي مع عدد من المشاكل الاقتصادية، وهو ما يترجمه اتخاذها لسلسلة من الإجراءات والقرارات المحدودة، التي تسهم في جزء منها في الرفع من تكلفة المعيشة، من خلال الرفع من نسبة الضريبة على القيمة المضافة، والزيادة في الأسعار، عوض العمل على توسيع الوعاء العقاري والخفض من عدد من الضرائب.