أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس أن المغرب يواصل، وبخطوات حثيثة وعقلانية، مسيرته على درب تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، في الحقوق والواجبات، ولاسيما بالعمل على التطبيق الأنجع لأحكام مدونة الأسرة التي منحت المرأة وضعا يحفظ لها كرامتها، ويضمن لها العدل والإنصاف. وقال جلالة الملك ، في رسالة سامية وجهها إلى المشاركين في الدورة 61 للمؤتمر العالمي لسيدات الأعمال، تلتها السيد زليخة نصري، مستشارة جلالة الملك، " انطلاقا من اقتناعنا الراسخ بضرورة تعبئة كل الطاقات الوطنية من أجل تحقيق النمو الشامل والمستدام الذي نريده لبلادنا، ما فتئنا نسعى لتعزيز دور المرأة وتشجيع انخراطها في جميع ميادين الحياة العامة : الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية ؛ يظل الهدف الأسمى الذي نسعى لتحقيقه، هو تمكين كافة مكونات المجتمع، بدون استثناء، من الاستفادة من ثمار التحديث والتنمية".
وذكر صاحب الجلالة بحرص جلالته على الترسيخ الدستوري للمساواة بين الرجل والمرأة بمناسبة التعديل الذي عرفه دستور المملكة والذي صادق عليه الشعب المغربي على أوسع نطاق في شهر يوليوز 2011 ، مبرزا جلالته أن أحكام الدستور المتعلقة بالحقوق والحريات الأساسية خولت للمرأة نفس الحقوق والواجبات التي منحتها للرجل، فاتحة أمامها بذلك باب المشاركة الكاملة والشاملة في الحياة العامة، كما نص الدستور على إنشاء هيأة مكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز، إلى جانب التنصيص على إقامة مجلس استشاري للأسرة والطفولة.
وبفضل هذا التعديل الدستوري، يقول جلالة الملك ، أضحى الإطار القانوني والمؤسساتي الوطني الخاص بوضع المرأة منسجما مع المعايير الدولية التي التزم المغرب بها للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
وعبر جلالة الملك عن تقديره للدور الذي لعبته المرأة المغربية كطرف فاعل في الحركة الوطنية في الكفاح من أجل استرجاع استقلال المغرب، و في مسلسل بناء المغرب الحديث، علاوة على حضورها الفاعل ضمن الأحزاب السياسية والتنظيمات النقابية، في إطار تعددية حقيقية متجذرة ثقافيا، مكنتها من ولوج مجالات الأنشطة المرتبطة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ونوه جلالته ، في هذا الصدد ، بكل الجهود التي ما فتئت المرأة المغربية تبذلها، في سبيل الدفاع عن حقوقها، ولمشاركتها السخية في الحركة الجمعوية الوطنية، وخاصة ضمن المنظمات الاجتماعية التي تنشط في مجال رعاية الأطفال، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، والنساء في أوضاع هشة، مؤكدا أن انخراط المرأة والتزامها يشملان كافة جهات المملكة، سواء كانت مراكز حضرية أو ضواحي مدن أو مناطق قروية. وأوضح صاحب الجلالة أن هذه الدينامية برزت من خلال " تسطير أهداف تصورنا للتنمية المستدامة وتنفيذها، عبر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقناها في العام 2005 ، والتي نعتبرها مشروع عهدنا. وفي هذا السياق، حرصنا على أن تكون المرأة القروية المستفيد الأكبر من برامج هذه المبادرة، من أجل تحسين ظروف عيشها. كما أولينا الاهتمام اللازم للرفع من نسبة تمدرس الفتيات في العالم القروي، هذا المجال الذي يعد الهدف الرئيسي لبرامج تطوير البنية التحتية وتشجيع الأنشطة المدرة للدخل".
وقال جلالة الملك إنه على يقين "بأن المسلسل التنموي الشامل، الذي أطلقناه في بلدنا من منطلق اعتماد المساواة بين المرأة والرجل على أرض الواقع، سيمنح المرأة مجالا أوسع للمشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وخلق الثروات وإنشاء مقاولات عالية الأداء وقادرة على توفير المزيد من فرص الشغل"، مؤكدا جلالته على أنه بالنظر إلى الدور الجوهري للتربية والتكوين في تطوير روح المبادرة عند الشباب، ذكورا وإناثا، وحشد قدراتهم على خوض غمار المقاولة، فإنه من الضروري إدراج ثقافة المقاولة في عملية التلقين واكتساب المعرفة.
وخلص صاحب الجلالة إلى أن"السياسة التي اعتمدناها في سبيل تحسين وضعية المرأة، والمجهودات التي نبذلها من أجل تخويلها الوسائل التي تمكنها من العمل على تحقيق التقدم الشامل، على قدم المساواة مع شقيقها الرجل، لجديرة بتعزيزها حتى نبوأ المرأة المغربية المكانة التي تليق بها داخل المجتمع، خاصة عبر فتح مزيد من فرص التعليم والتكوين أمامها".