يشكل قطاع السياحة في المغرب أحد الاختيارات الأساسية التي بنى عليها المغرب توجهاته الاقتصادية منذ بداية الاستقلال الى الآن، هذا في الوقت الذي اختارت فيه بلدان أخرى وعلى رأسها الجارة الجزائرية اختيارات كانت مدفوعة آنذاك بنظرة خاصة عن الاقتصاد الذي كان يحدد التطور والنمو بتطوير وامتلاك ما كان يسمى الصناعات الثقيلة. وإلى جانب المغرب اختارت دول أخرى بحكم تقاليدها في الميدان السياحي وبحكم ثرواتها السياحية في هذا المجال كأحد المجالات الاقتصادية الحيوية ومنها على الخصوص تونس ومصر.
وإذا كان التنافس السياحي بين المغرب وتونس ومصر يتم في أجواء من التنافس التجاري المحض المعتمد أساسا على تطوير المنتوج وجعله أكثر تنافسية فإن الجزائر تنظر بالخصوص إلى التفوق المغربي في هذا المجال بعيون غير راضية خصوصا وانها استفاقت على سوء اختياراتها التي ازدرت منذ بداية استقلالها هذا القطاع واعتبره من القطاعات الرأسمالية التي تكرس التبعية للغرب. وهذه النظرة كانت تدخل في إطار النظرة الشاملة للاقتصاد الذي يكرس اقتصاد الدولة ويحارب القطاع الخاص مهما كان نشاطه.
المغرب منذ استقلاله إلى اليوم راكم تجربة لابأس بها في هذا المجال وجعل من السياحة أحد قطاعات التنمية ووفر العديد من البنيات التحتية وأيضا البنيات التكوينية المتمثلة في معاهد السياحة والفندقة الخاصة والعمومية مما جعله يوفر كفاءات في هذا المجال.
وقد أخذ المغرب على عاتقه منذ حكومة الأستاذ عباس الفاسي على عهد الوزير عادل الدويري تحدى ربح رهان 10 ملايين سائح حيث أن عدد السياح في المغرب لم يكن يتجاوز 4 ملايين سائح في السنة متأخرا في ذلك بكثير على كل من مصر وتونس.
المغرب اليوم وجهة مفضلة لدى العديد من السياح خاصة مع الظروف التي تمر منها عدد من بلدان المنطقة المنافسة للمغرب في هذا المجال وبالخصوص مصر وتونس إذ أن المغرب ينعم بالاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي .
المغرب يستقبل سياحه من الاتحاد الأوروبي على الخصوص لكن جزءاً كبيرا من سياحه يأتي من الجارة الجزائر حيث أن السنة الماضية سجلت دخول 700 ألف سائح جزائري من مجموع مليون و 700 ألف سائح في هذا البلد يقصدون دولا أخرى وعلى رأسها تركيا وتونس.
وقد عرفت وكالات الأسفار وشركات الطيران بعد انصرام رمضان المنصرم نسبة ملء بمائة في المائة من الرحلات المتجهة إلى المغرب انطلاقا من الجزائر حيث ينتظر أن تقارب نسبة السياح الجزائريين الى المغرب النسبة التي عرفتها السنة الماضية .
الرقم الذي سجله السياح الجزائريون الى المغرب خلال السنة الماضية وهذه السنة مازال يثير ردود فعل كبرى في الأوساط الجزائرية التي لا تنظر بعين الرضى إلى هذا التفوق خصوصا وأن جزءا كبيرا من سائحيها يقصدون المغرب وإذا قارنا 700 ألف منهم ب 3500 ألف سائح الذين يدخلون الجزائر بمن فيهم المواطنون الجزائريون الموجودون في المهجر نلاحظ الفارق القوي بين السياحة الجزائرية والسياحة المغربية.
في هذا الإطار استنهضت الجزائر ووزارة سياحتها همتها للنهوض بالسياحة الجزائرية بعدد من الإجراءات التي أطلقها وزيرها ومنها على الخصوص تسهيل الحصول على الفيزا إذ أن الجزائر تفرض على المواطنين الأوربيين الفيزا في إطار التعامل بالمثل وانطلاقا من قناعة »السيادة« وذلك من أهم أسباب عزوف المواطنين الروسيين على التوجه إلى الجزائر أما المغرب فإنه لا يعامل بالمثل ولا يفرض عن الأجانب المعاملة بالمثل.
وفي هذا الإطار ستعمل السلطات الجزائرية على تسليم »فيزا اكسبريس« على الحدود الجزائرية، وهذه في الحقيقة ليست فيزا ولكنها فقط لحفظ مبدأ »الكرامة« و »السيادة« حتى لا يقال إن البلاد ستغير من تعاملها بالمثل.
كما عزا وزير السياحة الجزائري محمد بنميرادي تأخر بلاده في هذا المجال إلى ارتفاع تكاليف السفر في الخطوط الجزائرية.
أما أثمنة المبيت فإنها لا تقدر على منافسة المغرب ان 10 ليالي في المغرب لا يتجاوز 900 دولار في فندق من فئة. أربعة نجوم وأكد الوزير الجزائري أن بلاده أطلقت منذ خمس سنوات برنامجا يجعل السياحة في بلاده منافسة للمغرب في غضون سنة 2025.