وخوفا من الفضيحة والعار لتظل الظاهرة تتوسع والضحية تلعق مرارة الخيبة والعنف في كنف من يفترض انهم صمام الامان من خلال هذا الروبورتاج نعرض شهادات للضحايا تنز الما وبوحا فيه الكثير من الجراة لتكسير جدار الصمت والبحث في أسباب هذه الظاهرة التي لا تزال تعتبر من الطابوهات،كما أن النسبة التقريبية لا يمكن الجزم فيها، و هذا راجع لتكتم الضحايا و رفضهن الإفصاح عما حدث لكن تعريفها واحد لا غبار عليه. وهي انها ظاهرة تقوض كيان الاسرة والمجتمع لانها تضرب في عمق لحمة النسب والقرابة.
بالمدينة القديمة بالدارالبيضاء تقطن «فاطمة» ،سيدة ضريرة بالغة من العمر 59 عاما، تكتري غرفة فوق السطوح تدفن فيها ماض مليء بالمآسي و الأحزان خلفت جروحا لم يداويها الزمن، هنا تقرر فاطمة كسر الجليد و التحدث بكل جرأة و عفوية عن قصتها التي أرهقت كاهلها طوال هذه السنين، لتتسنى لها الفرصة للإفصاح عن ما كانت تخفيه 43 سنة حيث كانت تبلغ من العمر أنداك 16 سنة حين تعرضت للاغتصاب من طرف خالها الذي كان يسكن معهم في نفس المنزل، هددها بالقتل إن أفصحت لأي احد بما حصل، لم تكن المرة الأخيرة و إنما ظل يتربصها و يمسكها بالغصب كلما احتاج ذلك، استمر الوضع على حاله لتكتشف» فاطمة «أنها حامل من خالها، ظلت تتساءل عن وضع جنينها و عن ما ستقوله لوالدتها، بين ليلة و ضحاها وجدت «فاطمة»نفسها حامل بابن خالها و أيضا هو ابنها أو ابنتها ،مرت الشهور الأولى بسرعة و بطنها ينتفخ، أخبرت خالها بالحمل لكنه لم يقبل الطفل و أرغمها على إسقاطه خضعت الفتاة لخالها و نفذت كل أوامره .
بعدما أجهضت «فاطمة» جنينها لم تسلم من تحرش خالها بها و ظل يستفرد بها و يعاملها كزوجة له و هي لا تزال في عز الطفولة، بعد مرور سنتين حملت «فاطمة»للمرة الثانية من خالها و أجهضته بأمر منه، دون أن تلاحظ العائلة ما يجري بين الابنة و خالها الذي هو بمثابة والدها المتوفى .
حملت فاطمة للمرة الثالثة من خالها مما جعلها تسأم من وضعها و هربت من المنزل لا حول لها و لا قوة غيرواعية بمصيرها و مصير جنينها، أنجبت طفلة تعاني التوحد بسبب القرابة العائلية التي تجمع الأم و الأب لكنها لم تعش طويلا. و ضلت فاطمة تعايش معاناتها في صمت.
قصة فاطمة واحدة من قصص كثيرة لأطفال سقطوا ضحايا لزنا المحارم.. إنها ظاهرة مسكوت عنها، تواجهها الأسر المغربية بالصمت خشية الفضيحة والعار الذي قد يطالها، فتضيع حقوق ضحايا الاغتصاب أو التحرش من قبل من يفترض أن يكونوا مصدرا للحماية والأمن و الرعاية. بالمقابل تجرأت أسر أخرى على طرح قضيتها على أنظار المحاكم وطلبت دعم جمعيات المجتمع المدني وبلغت حد نشر تفاصيل معاناتها على صفحات الجرائد الوطنية.
فتاة تنجب من أبيها
في نفس المدينة حالة أخرى تعرضت للاغتصاب لكن المغتصب هذه المرة هو الوالد حيث لم تتوقع حليمة أن والدها قد يتجرد من إنسانيته و يجري وراء نزواته مدنسا علاقةالابوة المقدسة،و يغتصبها بكل وحشية متناسيا أنها فلذة كبده و من واجبه حمايتها لا الاعتداء عليها،جريمة يندى لها الجبين نتج عنها إنجاب البنت من أبيها، تذكر حليمة أن سبب اغتصابها من طرف أبيها راجع لعدم وجود أمها برفقتها منذ طلاقهما.
من الصعب الحصول على أرقام حقيقية تعبر عن حجم انتشار حوادث زنا المحارم في المجتمع المغربي، والسبب غياب الوعي و الثقافة الجنسية و السكوت الذي يشجع المغتصب على الاستمرار في ارتكاب جريمته.
وللجمعيات الحقوقية دور مهم في انتشال ضحايا هذا العنف من مستنقعات الظلام و الضياع، مهمة ليست بالسهلة تتطلب الكثير من الجهد و الصبر.تقول :»عائشة الشنا «رئيسة جمعية «التضامن النسائي» نحن كجمعية نسائية نساعد الأمهات العازبات بمن فيهم اللواتي تعرضن للاغتصاب من طرف الأصول لكن بعض الناس يقولون إننا نفزع الفتيات ليخفن من آباءهن و أقاربهن و نفضح ما يجري في المجتمع.
ارقام الضحايا متباينة بين الرسمي والمدني
وفي ظل غياب إحصائيات رسمية حول الموضوع، اجتهدت جمعية ما تقيش ولدي في تقديم إحصائيات قال إنها نسبية حول الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال، إذ بلغت 306 حالة اعتداء جنسي خلال سنة 2008 (166 حالة من مجموعها تبنتها الجمعية واشتغلت عليها على امتداد سنة 2008 و140 حالة اعتداء استقتها مما نشرته وسائل الإعلام المغربية)، وسجلت ما تقيش ولدي أنه من بين 166 ملفا التي تبنتها، توجد ستة حالات اعتداء من طرف الآباء، وحالة واحدة من طرف العم، والأخ حالتين وستة عشر حالة من طرف المحيط العائلي (ابن العم، ابن الخالة)، في حين سجلت تسعة حالات بالنسبة للمدرسين، وتوزعت بقية الحالات بين فقيه المسجد ومشغل الأم والمدرب والممرض ورئيس الجمعية وما تبقى من المعتدين هم من الغرباء، لكن المتتبعين للظاهرة يسقطون دائما في خلل تضارب الأرقام بين ماهو رسمي وبين ما تعطية مراكز الاستماع والجمعيات المهتمة.
اماالشرع فموقفه صارما لا نقاش فيه لهذه القضية التي تقوض القيم الإسلامية و المبادئ الأخلاقية وحيث أن الزنا بالمحارم أشد حرمة من الزنا بغيرهن فله آثار سلبية تتمثل في تدمير الأسرة نفسها ، فحكم الشرع على زنا المحارم كالحكم على الزنا عموما إلا أن زنا المحارم اشد فظاعة، فالمسلمون اتفقوا على أن من زنا بذات محرمه فعليه الحد.
في حال تجرد الضحية من مخاوفها و فهمها لمشكلتها يبقى الحل الوحيد لتجاوز الصدمة دون خسائر كبرى هو اللجوء إلى القضاء لإنصافها لكن هذا الأمر يتطلب إثبات الجريمة ،من جهته تحدث لنا «محمد الشمسي» «محامي بهيأة المحامين بالدارالبيضاء» أن هناك جرائم تتعلق بزنا المحارم وسائل اتباثها لا غبار عليها مثل الحمل،فعند حمل الفتاة من أبيها أو عمها الدليل هنا واضح حيث تجرى الخبرة الجينية التي تثبت نسب الطفل مضيفا انه إذا ضبط المتهم وهو يستفرد بالضحية تثبت عليه الجريمة ،و ترتفع العقوبة إلى ثلاثين سنة إذا نتج افتضاض أوحمل.الجريمة لا تحل و لا يمكن محاربتها بالعقوبة مهما كانت جازرة.
يؤكد «الشمسي» أن الاعتماد الكلي على الشريعة الإسلامية يكون في الموارث فقط لكن في القانون الجنائي لا يمكن ،لأنه قانون وضعي اتفقت عليه الأمة لكنه لا يطبق،و الشرع لديه توجه آخر يكاد يكون في التعارض.
تشير بعض الدراسات إلى أن مرتكبي هذا الجرم من الراشدين يعانون من اضطرابات حتى ولو بدا مظهرهم متوافقا اجتماعيا. وكثيرا ما يكونون مصابين بفصام في الشخصية أو أعراض مرضية سيكوباتية . وقد يكونون مصابين ببعض مظاهر وأشكال التخلف العقلي أو واقعين تحت تأثير إدمان الكحول أو المخدرات . أوهم من أصحاب المذاهب التي تتسم بالتطرف الديني والفكري. وقد تبين أن الفتيات والنساء اللاتي يجامعن أبنائهن الذكور مصابات بالفصام أو التخلف العقلي الشديد .
الطب النفسي لا يستثني الأم من اغتصاب طفلها
يفيدنا الدكتور» محسن بن يشو « أخصائي في الطب النفسي و العقلي انه في في زنا المحارم قديكون المغتصب هو الأب أو الجد أو العم أو الخال و هناك حالات أخرى تكون فيها الأم هي المغتصب لابناءها، فالمغتصب لا يملك نفسه بحيث لا يفكر في انه يرتكب جريمة و لا يفكر في السجن حيث تكون لديه حالات اندفاعية تجعله خارج الوعي و القيام بهذه التصرفات لسنوات، تكون لديه اضطرابات في الشخصية و حالات دهانيه و ترجع الأسباب إلى الإدمان أو انه قد اغتصب من قبل.
يضيف الدكتور « بن يشو» يجب تربية أبناءنا على الحرية و الديمقراطية و النطق داخل البيت و توعية الأم لابنتها.
لكن مع كل هذا العنف يظل الخوف من الفضيحة يسيطر على الضحايا مما يجعلهم يتكتمون وهذا سبب رئيسي في انتشار هذه الظاهرة، و أحيانا تكون الرغبة أيضا عند الضحية قلما نشير إليها و قلما تشير إليها الجمعيات و الإعلام، وهذا الخوف يكرس زنا المحارم ك ظاهرة مند القدم و مازالت مستمرة و ستبقى.