تعتبر الإنعزالية من أهم الميكانزمات التي تعتمدها الجماعات المتأسلمة كنمط للدفاع عن نفسها، و يتم ذلك طبعا بعد أن توهم الأتباع بأن الآخر – المعارض لمشروعها- هو مصدر تهديد لها بعد المبالغة الشديدة بالشعور بالإضطهاد و المظلومية المزعومة. و يذهب علماء النفس إلى أن الإنعزالية هي اللبنة الأساسية في تكوين كيان الجماعات المتأسلمة والتي غالبا ما تنقلب بعد فشل مشروعها إلى جماعة تدميرية. هذا الميكانيزم يتمظهر في اكتفاء المرشد بمصادر المعلومات لدى الجماعة والتعصب الشديد ورفض النقد وإقصاء الآخر والإيمان المطلق بانحراف المعتقدات المغايرة واليات تقييمهم للأخر ترتكز على رفضه، كل هاته الأفكار تنصهر في سلوك عدواني من أجل إيقاع الأذى بالأخر.
من بين الخصائص التي تطبع الجماعات السرية الظلامية والتي تجعل من الدين سلعة للإسترزاق نجد: -1- البحث الدائم عن قائد ليس فقط روحي وإنما قائد يسوقهم إلى حيث يقرر . -2- السمع و الطاعة العمياء و التطابق و التلاحم مع أوامر القائد حتى و إن كان يشوبها الكثير من العوار . -3- بناء موانع و حواجز بين الأعضاء و المحيط الخارجي حتى لا يتأثروا بأية أفكار خارجية من الممكن أن تزعزع التلاحم مع اوامر القائد المرشد، مما يؤدي إلى عزل الأعضاء تماما عن تأثير المحيط الخارجي. السلبية المبنية على الفكر المتحجر للأعضاء التي تجعلهم غير قادرين على اتخاذ القرارات، حيث نجدهم ينتظرون أوامر المرشد كي يتجهوا تلقائيا نحو إرادته.
الخلاصة بعد التطبيق السليم لهاته الخصائص وجود أتباع من مستوى علمي عال و بعد أن تم التحجير على ملكاتهم الفكرية باسم الدين بمفهوم المرشد و ليس الدين الحق ، نجدهم كالخرفان تجمعهم مجرد صافرة لأنهم واقعين دائما تحت ضغط الإلتزام برأي مرشدهم و الإنتصار لرأيه و تجدهم لا ينتصرون لرأي أحدهم مطلقا إذا خالفت رؤيا المرشد حتى و إن كانت منطقية و مبنية على أسس شرعية و علمية. و أنه بعد هاته المرحلة من التحجير الفكري يعتبرون أنفسهم غير قابلين للنقاش و المراجعة و غير قابلين للخطأ بل يعتبرون أنفسهم هم اليقين ذاته و يشعرون بأن الأخرين أدنى مستوى منهم ، كل هاته الخصائص و الأساليب تقودهم دائما و التاريخ يشهد على ذلك إلى قرارات خاطئة تنفر الاخر من الدين أكثر .