عندما كان يأتي رمضان كنت أحضر المحاضرات, وأستمع عن ما يفسد الصوم, وما لا يفسده, وعلمت أن من مفسداته: الأكل والشرب عمدًا, والقيء عمدًا, والجماع, وغيرها, وعلمت أن مما لا يفسد الصوم: المضمضة, والسواك, ومعجون الأسنان, وغيرها, ولكني لم أسمع أبدًا أن بقايا الطعام في الفم قد تفسد الصيام أحيانًا, مع العلم أني كثير الاستماع للمحاضرات, ولم أسمع شيئًا عن هذا, وكنت أقرأ الأحاديث التي تدل على تأخير السحور حتى سماع الأذان, فقلت في نفسي: لو كانت بقايا الطعام تؤثر لما أمر رسول صلى الله عليه وسلم الناس بتأخير السحور إلى الأذان, وقلت في نفسي: يجب أن أُعرِض عن هذا؛ لأنه من الأشياء المسكوت عنها, وتفاجأت حين علمت أمسِ أن بعض العوالق قد تبطل الصيام, فما واجبي تجاه الأيام التي صمتها؟ وعندما كنت أتسحر وأذن المؤذن رأيت أبي يأكل, فقلت له: أفطرت, فقال لي: لا, لقد سمعت الواعظ – جارنا – يقول: إنه لا بأس في الأكل حين الأذان, وهذا الواعظ موثوق, ويعطي دروسًا, لكن لعل أبي لم يفهم كلامه جيدًا, فهل هذا الكلام صحيح؟ وماذا أفعل تجاه الأيام التي صمتها؟ علمًا أني لا أتذكر هل أكلت معه أم أمسكت. الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فابتلاع ما بين الأسنان من الطعام عمدًا مفسد للصوم ولكن إذا كان هذا الفعل قد صدر منك عن جهل فإن صومك لا يفسد بذلك, ولا يلزمك القضاء.
وأما أكل أبيك بعد الأذان: فهذا لا يجوز إن علم أن المؤذن يؤذن عند دخول الوقت، وأما إن كان يؤذن قبل دخول الوقت فلا حرج في الأكل حتى يعلم أن وقت الفجر قد دخل، ولعل هذا الواعظ يعتقد أن المؤذن يؤذن قبل وقت الفجر الصادق، ولا شيء عليك لما ذكر لكونك لم تتيقن أنك أكلت أو شربت بعد طلوع الفجر الصادق.