كشفت تقارير صحافية امس الخميس ان الاستخبارات الاميركية تتجسس سرا على خوادم تسعة من عمالقة الانترنت في أمريكا من بينها آبل وفيسبوك ومايكروسوفت وغوغل، وذلك ضمن اطار عملية واسعة تستهدف مقيمين في الخارج. وانتقد مدير الاستخبارات القومية جيمس كلابر تسريب المعلومات حول البرامج السرية وحذر من ان كشف معلومات حول برنامج آخر للتصنت على المخابرات الهاتفية في الداخل يمكن ان يهدد الامن القومي للولايات المتحدة.
في المقابل، نفى البيت الابيض الذي يواجه جدلا متزايدا حول نطاق وحجم برامج التجسس السرية اي تنصت على الاميركيين لكنه شدد على ضرورة استخدام كل السبل الممكنة من اجل حماية الاراضي الاميركية.
وأوردت صحيفة واشنطن بوست نقلا عن موظف سابق في الاستخبارات ان وكالة الامن القومي قادرة على الدخول مباشرة الى خوادم مزودي خدمة الانترنت من اجل تعقب تحركات افراد على الشبكة من خلال الصوت والصورة والفيديو والرسائل الالكترونية.
وتابعت الصحيفة ان برنامج "بريزم" للتجسس السري يشمل بعض كبرى شركات الانترنت من بينها مايكروسوفت وياهو وفيسبوك وآبل وبالتوك وايه او ال وسكايب ويوتيوب.
وأضافت ان موظفا سابقا في الاستخبارات "عمل مباشرة على هذه البرامج ويعلم بمدى قدراتها المخيفة" هو من سرب المعلومات.
ونقلت عن الموظف قوله ان هذه البرامج "بوسعها ان تتابع افكار الشخص وهو يطبع الكلمات على الشاشة امامه". الا ان كبرى شركات الانترنت نفت اي تعاون مع الاستخبارات الاميركية.
وأعلن المتحدث باسم آبل ستيف داولينغ "لم نسمع ببرنامج بريزم من قبل ابدا".
وأضاف داولينغ "لا نسمح بدخول اي وكالة حكومية الى ملقماتنا، وعلى اي هيئة من هذا النوع تبحث عن بيانات عن احد المستخدمين ان تستصدر امرا قضائيا".
اما مسؤول الامن لدى فيسبوك جو ساليفان فقال ان شبكة التواصل الاجتماعي العملاقة لم تسمح لأي هيئة حكومية بالدخول الى ملقماتها.
كما شدد كل من غوغل ومايكروسوفت على انهما لا يكشفان اي معلومات الا بموجب امر قضائي.
وأعلن البيت الابيض ردا على هذه المعلومات التي اوردتها ايضا صحيفة ذي غارديان البريطانية ان الاميركيين لا يتعرضون للتجسس لكنه لم ينف وجود البرنامج.
وقال موظف الاستخبارات السابق ان "الامر يتطلب اجراءات مكلفة توافق عليها المحكمة لضمان ان وحدهم الاجانب المقيمين خارج الولاياتالمتحدة من يشملهم التجسس وللحد من من اي معلومات يمكن جمعها او الاحتفاظ بها او نشرها عن طريق الخطأ حول مواطنين اميركيين".
وتابع ان الكونغرس اعاد السماح بالعمل بالبرنامج بموجب البند 702 من قانون التجسس في الخارج "بعد جلسات ونقاشات مكثفة".
وحذر كلابر في محاولة للحد من الاضرار التي يمكن ان تنجم عن الكشف حول برنامج التجسس ان المعلومات التي يتم جمعها بموجبه "من اكثر المعلومات التي يمكن جمعها في الخارج اهمية".
وأضاف كلابر ان "كشف المعلومات غير المرخص له حول هذا البرنامج الهام والقانوني غير مقبول ويمكن ان يهدد امن الاميركيين".
وبدأت المعلومات بحصول عمليات تجسس على الانترنت عندما اوردت ذي غارديان الاربعاء ان وكالة الامن القومي تسعى للتنصت على ملايين الاتصالات الهاتفية والالكترونية في الداخل.
وحث اتحاد الحريات المدنية الاميركية مؤيديه على الاحتجاج وعلى "المشاركة في تحرك عام ضد البرنامج" من خلال التوقيع على عريضة.
الا ان مايك رودجرز الرئيس الجمهوري للجنة مجلس النواب الدائمة حول الاستخبارات اعتبر ان البرنامج اتاح تفادي شن هجوم على الاراضي الاميركية.
ويقول مؤيدو البرنامج ان البيانات التي تجمعها وكالة الامن القومي من مكالمات هاتفية داخل وخارج الولاياتالمتحدة يمكن حصرها بحيث تكشف نمطا في الاتصالات ينبه وكالات الاستخبارات الاميركية من اي هجوم يتم التخطيط له.
ودافع مسؤولون اميركيون كبار عن البرنامج، دون ان يؤكدوا ما اوردته ذي غارديان، واشاروا الى ان البرنامج قانوني ويخضع لعدة عمليات تدقيق على مستويات مختلفة داخل الحكومة.
وقال المتحدث باسم البيت الابيض جوش ارنست ان "الاولوية الاهم للرئيس الاميركي هي الامن القومي للبلاد. وعلينا ان نتاكد من حصولنا على الوسائل التي نحتاج اليها لمواجهة اي تهديدات يطرحها ارهابيون".
الا ان ارنست اضاف ان الرئيس باراك اوباما يرحب بالنقاش حول التوازن الذي يجب اعتماده بين الحريات المدنية والامن.
ويقول مسؤولون ان البرنامج لا "يتنصت" على الاتصالات او يطلع على اسماء الذين يجرون الاتصال، بل يجمع ارقام هواتف ومدة الاتصالات الشخصية وغيرها من البيانات.
وتابع كلابر ان تقرير صحيفة ذي غارديان الذي استند الى وثيقة سرية اصدرتها محكمة لتلزم شركة "فيريزون" بفتح قاعدة بياناتها يعتبر "مضللا".
وأضاف انه امر بكشف بعض المعلومات حول البرنامج حتى يفهم المواطنون الاميركيون حدود استخدامه.
من جهته، اعلن راندي ميلتش نائب الرئيس التنفيذي لفيريزون في رسالة الى موظفي الشركة انه غير مسموح له قانونا بالتعليق لكن اي امر يصدر عن القضاء يلزم الشركة بالتنفيذ.
وكان اشير الى برنامج للتنصت على الاتصالات الهاتفية من قبل وكالة الامن القومي ابان عهد الرئيس السابق جورج بوش وكان جزءا من عدة قوانين لمكافحة الارهاب وهيكلية للتجسس اقرت بعد هجمات 11 شتنبر 2001.